Thursday, 13 February 2014

ماركس ما بعد الماركسية*




إنهارت عقيدتنا الماركسية قبل انهيار الإتحاد السوفياتي وملحقاته من الأنظمة والأحزاب. وقبل الإنهيارين، أي في أوج إلتزامنا الماركسي، فقدت دولة لينين وستالين وخلفائهما هالتها وقدسيتها في قلب إيماننا، وأصبحت عرضة دائمة للتشكيك والانتقاد في المجمل والتفاصيل. رغم نسق التوالي هذا، شكّل سقوط "دولة العمال" الأولى في التاريخ، بهذه الطريقة المفاجئة، حَدَثاً صاعقاً يكاد يناهز في أهميته قنابل القرن العشرين الثلاث (الذرية والمعلوماتية والديموغرافية) التي تحدّث عنها إينشتاين.
رحلت "الشيوعية" عن "وطنها" الأول بعد ما يزيد عن السبعين عاماً على حلولها فيه، دون ثورة ولا حرب، آخذة معها نزوع الماركسيين الدائم إلى انقاذها عبر الترحال في الميادين كافة. الترحال في الأقاليم بحثاً عن البلاد التي تحمل المشعل بعد سقوطه من يد غيرها: روسيا بعد فشل الثورة في البلدان الرأسمالية، الصين بعد التحريفية السوفياتية، يوغوسلافيا التسيير الذاتي، كوبا الصمود، فيتنام المقاومة، ظُفار العروبة... الترحال في الأسماء بحثاً عن القائد المعصوم: لينين، ستالين، تروتسكي، ماوتسي تونغ، كاسترو، جيفارا، هو شي منه، برلنغر... الترحال في الكتابات بحثاً عن النص الشافي والخالص من كل شائبة: فكتابات لينين الأولى لم تكن بعد جدلية، وكتاباته اللاحقة شديدة التأثر "بالمرتدّ" كاوتسكي، وكتاباته الأخيرة متسرعة لأنها مخطوطة في غمرة الأحداث؛ كتابات ماركس ما قبل 1845 لم تكن ماركسية، وكتاباته في الخمسينات والستينات من القرن الفائت لم تصبح بعد ماركسية، ورأس المال ذاته لا يخلو من انحراف إقتصادي... الترحال في الطبقات الإجتماعية بحثاً عن صاعق آخر للثورة أو عن مؤتمن جديد على مصيرها: من العمال إلى الفلاحين إلى المثقفين الثوريين إلى الطلاب إلى الشباب إلى الهامشيين إلى المقهورين من أبناء الدول المستعمَرة... الترحال في بنى المجتمع وأهميتها: فإذا كانت الأولوية للبنية التحتية نظرياً، فهي أحياناً للبنية الفوقية عملياً لا بل يمكن أن تكون لها نظرياً وعملياَ... الترحال في التحالفات: فتارة المطلوب جبهة شعبية عريضة تواجه إحتكاريين لا يتعدى عدد عائلاتهم المئة، وطوراً المطلوب مواجهة طبقية تجعل أحزاب الوسط وتنظيمات الأممية الثانية في مصاف أعداء العمال والكادحين...
وما سبق غيض من فيض من طوبوغرافية البداوة المتنقلة بين الحزب والجماهير، بين المركزية والديموقراطية، بين الجدلية والمادية، بين العلم والإيديولوجيا، بين التاريخ ونمط الإنتاج، بين التناقض الرئيس والوجه الرئيس للتناقض... كل ذلك اندثر مع سقوط "الكتلة الإشتراكية" وانهيار الإتحاد السوفياتي. والتساؤل اليوم عما يجري في الصين وكوريا الشمالية وكوبا وفيتنام... هو إما لإدراك مدى قمع الحريات في هذه البلدان، وإما للاستفهام عن حجم تغلغل الرأسمالية فيها قبل حلول التغيير المحتوم.

* * *

ولد النظام السوفياتي، مثله مثل الفاشية والنازية، من أحشاء الحرب العالمية الأولى التي أعطت للهمجية أبعاداً جديدة وأسقطت صورة المواجهة الكلية على الحياة السياسية، ومن إرتداد الظاهرة الكونية هذه غلى داخل المجتمع الروسي على شاكلة حرب أهلية بشعة. وشارك هذا النظام نظامي موسوليني وهتلر في عدد من سماتهما، مما جعل بعض المفكرين يدخلون هذه البنى جميعاً في إطار مفهوم موحّد هو "الأنظمة التوتاليتارية" المتمايزة عن أنظمة الحكم السلطوية والديكتاتورية التي عرفها التاريخ في مراحله السابقة. أبرز هذه السمات: قيام الأنظمة هذه على حركات جماهيرية مؤطرة وموجّهة من هيئات وتنظيمات شديدة التماسك؛ إرادة الثورة والنية المعلنة في التغيير والانقلاب على الماضي؛ رعاية الحزب والدولة لميادين الحياة الإجتماعية كافة من الإقتصاد إلى السياسة مروراً بالثقافة والتربية والفن؛ التشديد على دور الزعيم في قيادة المسيرة؛ العداء للدين... هذه السمات صحيحة، بلا أدنى ريب، وليس في غياب أفران الغاز عن معسكرات الإعتقال السوفياتية التي وصفها الكسندر سولجنتسين ما يخفف من إجرامها وقمعها. لكن الفروقات النظرية بين الشيوعية والفاشية تبقى كبيرة وفي طليعتها الأممية (ورفض التمييز العنصري والتعصب القومي)، ورفض الحرب كقيمة، والتأكيد على الحرية والمساواة والإخاء (رغم التحايل لعدم تطبيقها). الماركسية تبقى الأبنة الشرعية "لعصر الأنوار" والمشاكل التي واجهتها هي، في جزء كبير منها، مشاكل قدرة العقل على إقامة المجتمع على أسس حرّة دون الوقوع في نقيض المُرتجى.

* * *

ما قدّمه ماركس لعصره وعصرنا وللقرّاء والمناضلين هو الرؤية الشاملة للمجتمع والتاريخ، بعض المبادىء لفهم الطبيعة، أو لتدارك سوء فهمها (وهو ما تحوّل مع الأتباع إلى ميتافيزيقا جامدة). وما يميز هذه الرؤية أبعاد ثلاثة: إعتصارها الفكر الغربي في بعض من أهم أبعاده، إنقلابها على "المثالية" بأشكالها كافة، إرتباطها إلى حد الذوبان بالعمل والممارسة.
قال أنغلز، وردّد لينين ذلك بعده، إن للماركسية مصادر ثلاثة: الفلسفة الألمانية وعلم الإقتصاد الإنكليزي والإشتراكية الفرنسية. أما أول هذه المصادر، فهو بدوره محاولة لاسترجاع كل ما سبقه في ميدان الفكر، لا بل في ميدان التاريخ العام لابقائه وتغييره، لقبوله ورفضه في آن معاً Aufheben. هيغل – آخر محطات الفلسفة المثالية الألمانية – يجعل من الطريق لبلوغ المعرفة المعرفةَ ذاتها، ووسيلةَ الانتقال من الجزء إلى الكل الجامع، ومن الموضوع الخارجي إلى الذات: "إن الحق هو الكل. ولكن الكل ليس إلا الماهية في تحققها واكتمالها عن طريق نموها. فالمطلق يجب القول عنه: إنه في جوهره نتيجة، أي هو لا يصير ما هو إياه حقيقة إلا في الختام. في هذه الصيرورة تقوم طبيعته من حيث هو دخول فعلي في الواقع، ذات أو إنماء لنفسه بنفسه" (علم ظهور العقل، تصدير، 20). تشكل فلسفة هيغل ، في مطلع القرن التاسع عشر، أوسع محاولة في تاريخ الفكر للمّ ظواهر التاريخ كافة (الفن، الدين، التاريخ السياسي، الفلسفة...)، والكشف عن ماهيتها، وإدراجها في وحدة ترتّبها وتنظّمها دون تجاهل "جِدّ النفي وألمه"، وجعل حاضر الدولة والفلسفة حقيقة كل ما سبق، وإدراك هذه الحقيقة.
أخذ ماركس عن هيغل اكتشاف التاريخ الصائر إلى الكلية ومصالحة الخاص والعام، والنظرية والواقع، والذات والجوهر، عبر النفي وعمله، ودَمَجَ في هذا التصور نظرية صراع الطبقات المقتبسة عن المدرسة التاريخية الفرنسية (أوغستن تييري...) وعن مذاهب الإشتراكيين الفرنسيين (سان سيمون، برودون...)، فولّد رؤية تجمع دينامية النظرة الهيغلية إلى واقع الثورة الصناعية واحتدام الصراعات الناجمة عنها وعن أشكال القهر والاستغلال الجديدة. حدَّد ماركس الطبقات انطلاقاً من موقعها في عملية الانتاج، وأشار إلى الإقتصاد على أنه العامل المحدّد في البنية الإجتماعية، فبدت نظريته أقرب إلى "أكواخ الواقع" مما كانته "قصور الأفكار" التي شيّدها هيغل. وقارب ماركس الحداثة الإقتصادية، فدرس أكثر الأنظمة الرأسمالية تطوراً في عصره، ألا وهو النموذج البريطاني، وذلك عبر أبرز الإقتصديين الإنكليز (ريكاردو...)، فأخذ عنهم قانون القيمة – العمل ونظرية نزعة نسبة الأرباح إلى الهبوط، وأعاد هيكلتهما في "نقد (ه) للأقتصاد السياسي" (العنوان الفرعي لكتاب رأس المال). وبدى فكر ماركس، نتيجة جمعه التراث الفلسفي ودراسة الواقع والرؤية المستقبلية، ونتيجة إدراك عوامل التناقض الحادة في المجتمع وأهمية المسائل المعيشية، صرحاً لا يمكن أن تناقشه اية عمارة فكرية أخرى، وهيئة محاكمة دائمة للانتقادات الموجهة له والمدانة مسبقاً لتماهيها مع وجهات نظر طبقية معادية للكادحين وللمستقبل الرحب.
البعد الثاني للنظرية الماركسية هو حربها على "المثالية" بأشكالها كافة وفي طليعتها الشكل الديني: "نقد الدين شرط كل نقد". ونقد الدين في الماركسية مزدوج إذ ليس رفضاً نظرياً للسماوات والحياة الأخرى وحسب، بل هو دعوة إلى نقد الواقع المنتج لهذه الرؤية: "إن مطالبة الشعب بالتخلّي عن الأوهام المحيطة بواقعه هي مطالبة الشعب بالتخلّي عن الواقع المحتاج إلى أوهام". ونقد الدين نموذج لكل نقد آخر لأنه يدرّب الفكر على كشف السموات الخفية في الميادين النظرية والعملية الأخرى مثل الفلسفة والسياسة والإقتصاد. "مهمة التاريخ، بعد تبديد الحياة الأخرى، إقامة حقيقة الحياة الحاضرة. وأولى مهمات الفلسفة، التي هي في خدمة التاريخ، بعد كشفها الصورة المقدسة لتخلِّي الإنسان عن ذاته، كشف الأشكال الزمنية لهذا التخلِّي. وهكذا يتحوَّل نقد السماء إلى نقد الأرض، نقد الدين إلى نقد القانون، نقد اللاهوت إلى نقد السياسة". الفلسفة الهيغلية تُحِل "الوعي بالذات" محل الإنسان والنظرية السياسية تجعل من الدولة واقعاً مثالياً متعالياً عن تناقض القوى الإجتماعية المتصارعة.
يكمن عداء الماركسية "للمثالية"، أو ما يسمى "ماديتها"، في بنائها المجتمع على قواعد الحياة الإقتصادية (وهو ما يشدّ بها إلى الواقع في مواجهة صيرورة "الروح الكلي" عند هيغل و"الحالات الثلاث" عند أوغست كومت...) وفي ممارسة الإرتياب Exercice du soupçon تجاه العمارات الفكرية الأخرى، وهو ما قام به ماركس منهجياً قبل نيتشه وفرويد، محيلاً هذه العمارات إلى "إيديولوجيات" تمثِّل هوامات بعيدة عن الواقع ووجهات نظر طبقات بائدة.
البُعد الثالث للماركسية هو الأهمية المعطاة فيها للممارسة ("إن العيب الرئيسي لمادية الفلاسفة كلهم... هو أن الشيء أو الواقع أو العالم المحسوس لا تُدْرَك فيها إلا على صورة الموضوع أو الحدس وليس كنشاط إنساني ملموس أو ممارسة...") والتوجُّه نحو العمل ("لم يقم الفلاسفة إلا بتفسير العالم بطرق مختلفة؛ المهم هو تغييره"). ويضاف إلى إغراء الماركسية "وموضوعيتها" قبول المثقفين من دعاتها بالزوال في حركة العمال التائقة إلى فرض حُكمها وإنهاء التاريخ من جهة، واعتبار الصيرورة التاريخية حتمية، فالمستقبل المضيء يخرج من الحاضر ولا يفرض عليه فرضاً، من جهة أخرى. وما الثورة إلا قفزة الحرية في الحتمية وتعجيل لمآلها.

* * *

ما الذي يبقى من فكر ماركس في مطلع القرن الواحد والعشرين، وهو الذي أقيمت على اسمه أنظمة حقّقت للمقهورين إنتصارات كبيرة – بعد هزائم لم تكف عن التوالي من إنتفاضة سبارتاكوس إلى عامية باريس – وأدّت، في الآن نفسه، إلى أبشع أشكال الطغيان؟ بصرف النظر عن المسائل السوسيولوجية مثل موقع الطبقة العاملة في المجتمعات الحديثة وأولوية الإقتصاد في البنية الإجتماعية... ما يبعدنا عن ماركس هو مفاهيم عدة بقي هو من أربابها: مفهوم الكلية الجامعة للظواهر كافة، مفهوم التاريخ السائر إلى نهايته، مفهوم التناسق المعلِن عن نفسه والكاتم لها: تناسق الحرية والحتمية، تناسق النظرية والممارسة، تناسق الرفاهية والعدالة...
تجلّت رومنطيقية ماركس الخفية في أمانته لثائريَن خرافيين واكبا سيرته الفكرية منذ البداية: برومثيوس، سارق النار المجسَّد لثورة الإنسان وتحدّي الآلهة. والشيطان، "أمير الظلمات"، عدو التناسق، ملهم "الأناشيد المتوحشة"(1). في ما خص ثورة الإنسان، إنتهى القرن العشرين على فشلها في إرادة السيطرة التامة على المجتمع والطبيعة وعلى أمثولة ضرورة تعدد مراكز القرار ومراقبتها لبعضها البعض. في ما خص الشيطان، كانت المفاجأة أن ماركس هو إلى جانب الآلهة في صياغة الكلية والتناسق وإدراكهما، إن لم يكن هو تعالى ذاته.

* نشرت هذه المقالة في ملحق النهار السنوي للعام 2000، أشرف عليه سمير قضير وصدر في 20 كانون الأول 1999.
(1) أنظر قصيدة ماركس Der Spielmann من مجموعة Wilde Lieder  (1841)  في
Karl Marx: Œuvres, III, Philosophie, la Pléiade, Gallimard, pp. 1380-1382.


Le 10/12/1999

Monday, 10 February 2014

UN VOCABULAIRE POLYPHONIQUE DE HEIDEGGER




Le Dictionnaire Martin Heidegger, Vocabulaire polyphonique de sa pensée sous la direction de Philippe Arjakovsky-François Fédier-Hadrien France-Lanord, Cerf, 2013, 1456pp.

          Peut être faut-il partir de l’entrée « Salah Stétié »* pour donner une idée de l’ampleur du champ de ce dictionnaire. Si notre grand poète, au confluent de plusieurs traditions, y figure, c’est surtout pour mettre en rapport le vers de Hölderlin si cher à Heidegger de ‘l’homme habitant poétiquement la terre’ avec la langue arabe « en qui, de toute éternité, le vers se dit bayt,  ‘maison’ ou ‘demeure’, donnant du coup son juste poids à la substance du vivre qui est inévitablement d’ici et de maintenant. » Cet ouvrage de plus de 600 entrées auquel ont collaboré 24 auteurs n’est donc pas un simple  vocabulaire technique et critique du philosophe, tâche déjà immense et ardue, mais une somme encyclopédique dont on peut tenter de répertorier les fonctions. Disons d’emblée, les heideggériens ne manquant pas de chapelles pour ce qui est de l’interprétation et de la traduction, qu’il est placé sous  le patronage de « Jean Beaufret » (1907-1982) mis en épigraphe et souvent cité. Celui-ci ne fut pas simplement  ‘l’introducteur’ de Heidegger en France  à partir de 1945, étape majeure pour son retour théorique en Allemagne suite à la « Dénazification »,  mais celui qui répondait au penseur, le questionnait[1] et dialoguait[2] avec lui.   
          Une biographie intellectuelle et politique, un instrument de travail et de connaissance, l’occasion de nombreuses randonnées exquises et imprévues: tels nous semblent les principaux intérêts de ce chantier polyphonique  consacré à l’un des principaux, sans doute le principal, philosophe du siècle passé (1889-1976) et, selon les auteurs, de l’actuel vus le nombre et l’importance des œuvres non publiées et en voie de publication(20 volumes sur les 102 prévus de l’édition intégrale sont encore à paraître au rythme de 2 par an et ils comprennent des cours et des traités achevés), et surtout vue la radicalité du travail de Heidegger qui « est, depuis la naissance de la philosophie en Grèce, la plus audacieuse, la plus entière et par là même la plus déconcertante question que l’Occident se soit posée à lui-même » (p. 11).
          Une biographie ne prend pas, dans un dictionnaire alphabétique, l’aspect d’un exposé suivi. Elle est ici parsemée à travers de nombreuses entrées qui pointent les références les plus parlantes. La famille : sa femme, Elfride,  ses deux enfants, Jörg et Hermann, son frère, Fritz…Les lieux: « Messkirch » point d’ancrage où il est né et enterré, dont il a évoqué dans un texte célèbre « le chemin de campagne » (1949), la « Souabe », son pays natal au sud de l’Allemagne, « Todtnauberg » où il avait son petit chalet die Hütte…Les universités où il a enseigné (« Fribourg-en-Brigsau », « Marbourg »…) Les rencontres qui ont fait date (« Cerisy », « Séminaires du Thor »…) Les bons amis, les étudiants, les grands poètes et penseurs avec lesquels il fut en dialogue, ‘alliés substantiels’ selon l’expression de « René Char »: « Hannah Arendt », « Ernest Jünger », « Paul Celan » et tant d’autres. Les philosophes auxquels il consacra des cours ou qui furent ses contemporains ; retenons de ces derniers : « Adorno », « Bergson », « Merleau-Ponty », « Sartre » et « Wittgenstein ». Les artistes tel « Cézanne » dont il vit dans  le chemin ce qui s’accordait avec son « propre chemin de pensée ». Bien sûr l’ «Affaire Heidegger », l’adhésion au « Nazisme » et le « Rectorat » (1933-1934), l’«Antisémitisme »  ainsi que le prétendu « Silence » font l’objet de nombreux articles d’où le philosophe sort grandi malgré sa faute indéniable: pas une seule phrase antisémite dans les 84 volumes publiés et Heidegger a pensé le nazisme comme régime totalitaire nihiliste et en a parlé, sans toujours le nommer, dans ces termes avant comme après sa chute.
Ces articles ne visent pas l’anecdote et ne sont pas écrits sur un modèle commun. Leur objectif n’est ni neutre ni totalisant. Ils enracinent Heidegger dans ses terroirs et aident à ‘rythmer’ une vie tout entière animée par une pensée qui ne cesse de se questionner et de se mettre à l’écoute de l’être et du langage.
Mais si ce dictionnaire s’impose,  c’est principalement comme instrument de travail, de connaissance de la pensée de Heidegger, voire de méditation sur les questions fondamentales soulevées par celui-ci et qui, au-delà de la spéculation sur l’«Être », son « Oubli », son « Sens », sa « Vérité » touchent à la modernité, au « Nihilisme » (distinct du Nihilisme européen de Nietzsche), à la « Dévastation » (Die Verwüstung : non « simplement la destruction de l’étant sous la main, mais le travail de sape qui ensevelit la possibilité de toute décision initiale » : ce qui  va de la déforestation équatoriale aux chaînes de fast-food en passant par la construction de grands ensembles urbains), et donc à la morale et à la politique. La pensée de Heidegger est  exigeante et difficile. Elle est en perpétuel retour sur elle-même et constamment interpellée par l’« être » qui à la fois se révèle et se cache. Elle ne cherche pas à utiliser la langue mais à lui laisser la parole, l’écouter et habiter par elle le monde. Elle s’impose de relire les philosophes grecs (qu’elle retraduit)  et modernes pour désobstruer la question fondamentale et dépasser la métaphysique. Elle cherche à établir un dialogue entre la poésie et la philosophie. Plus que toute autre donc, cette pensée  nécessite des voies d’accès. Le présent ouvrage par ses entrées multipliées (« Dasein » et « Être-le-là » ; « Alèthéia », « Vérité », « Invérité », « Abritement »…), la connaissance approfondie qu’ont ses auteurs de l’œuvre publiée y compris la vingtaine de volumes posthumes  non encore traduits en français, la qualité de la réflexion et la tenue du propos,  doit être reconnu comme un appui indispensable dans la rencontre d’une pensée majeure.
Heidegger écrit : « tout authentique penser en compagnie d’un penseur est voyage-qui se met en route pour atteindre ce qui est déjà tout proche et saute aux yeux et qui n’est autre que le tout simple. » Ce Dictionnaire, outre le grand périple,  ne cesse par des entrées non attendues (« Mozart », « Nerval », « Rashomon »…) de ménager des randonnées et des rencontres. C’est encore là une destination louable et  elle semble dans cet ouvrage inépuisable.
Certes on aurait préféré une entrée Derrida (évoqué dans « Déconstruction » pour opposer ce concept à celui heideggerien de Die Destruktion « Destruction/Dé-struction ») à une entrée « Nizan » où il est  conclu que l’intérêt de celui-ci pour Heidegger fut passager. On est confondu par les néologismes (temporellité, temporation, aîtrée [Wesung]…) et on se souvient que la traduction par François Vezin[3] de Sein und Zeit souleva la protestation de nombreux heideggériens. Mais on reste admiratif de la manière dont ce Dictionnaire a pu ‘arraisonner’ la pensée capitale d’un philosophe qui tenait à « être véritablement lu et non grappillé » sans la mettre en ‘péril’.

                      
         

              






*les mots placés entre guillemets figurent comme entrées dans le dictionnaire.  
[1] La Lettre sur l’humanisme de Heidegger répond à des questions posées par Beaufret en 1946.
[2] Dialogue avec Heidegger, Paris, Minuit, 1973-1985, 4 vols.
[3] Un des collaborateurs du dictionnaire.


Wednesday, 25 December 2013

VERDI ET WAGNER, LE PAS DE DEUX SIÈCLES




Timothée Picard: VERDI-WAGNER Imaginaire de l’opéra et identités nationales, Actes Sud, 2013, 323pp.

          L’année 2013 a été l’occasion de célébrer le bicentenaire de la naissance de Richard Wagner (1813-1883) et Giuseppe Verdi (1813-1901) les deux créateurs qui ont réussi à résumer l’opéra incarnant, le premier, la germanité et le second l’italianité et au-delà le Nord et la Méditerranée. Il suffit à leur musique d’être utilisée dans un film (du Senso (1954) de Visconti[1] à The New world (2006) de Malick  en passant par les œuvres de Werner Herzog[2], F. Ford Coppola[3], John Boorman[4]…)  pour projeter sur lui un «effet d’opéra »[5].
          Afin de donner une idée concrète du travail riche et passionnant de Timothée Picard, partons de trois œuvres qu’il intègre dans son exposé historique. Parmi bien d’autres littéraires ou spéculatives auxquelles il se réfère, chacune a sa place et sa signification.
          Dans la nouvelle de Pirandello « Musique d’autrefois » (1910), un vieillard revient à Rome après des années d’absence et désire rencontrer son amour de jeunesse. Mais une fois chez elle, il découvre que non seulement sa fille, aspirante cantatrice, mais toutes les personnes qu’il a aimées autrefois et elle même, se sont converties à l’école de la musique ‘bruyante et dissonante’ de Wagner et n’apprécient plus « les divines mélodies de la musique italienne la plus pure» qui faisait le délice de leur salon. Que d’autres peuples aiment leur musique, le visiteur le comprend. « Mais nous ? Nous avons la nôtre, Paisiello, Pergolèse, Rossini, Bellini, Donizetti, Verdi… » Le maître de musique allemand présent réduit tout cela à  une tradéridéra (facile rengaine). Toutefois touchée par l’affliction du vieillard, la jeune fille commence à lui chanter une des arias qu’il affectionne. Mais la réprimande du maître au beau milieu du chant : Tradéridéra ! a raison de celui-ci et du cœur faible du vieil amant. Identités nationales, Verdi perçu comme un musicien du passé et Wagner comme musicien de l’avenir, invasion de l’Italie par le wagnérisme au début du XXème siècle,  mélodie et bel canto opposées à la puissance et à l’harmonie, place particulière des vieillards dans l’imaginaire verdien qui en regorge…tout cela passe dans cette nouvelle.












          La « Tettòn » surnommée ainsi en raison de son décolleté avantageux est l’héroïne de L’Adalgisa (1944), nouvelle de Carlo Emilio Gadda. C’est une diva des faubourgs, épanouie et vite fanée dans les bas quartiers. Son public ne se trompe pas sur son talent, mais « chacun se reconnaît pourtant dans son histoire, vibrant à l’unisson quand elle ‘crache ses tripes’ sur scène- en particulier dans le rôle de Violetta. »[6]. Modestes aptitudes de la cantatrice, carton-pâte du décor opératique, public aux humeurs repoussantes…rien n’empêche  le passage d’un courant enchanteur et l’accession du peuple par le chant à l’émotion et la vérité. Dans cette œuvre de Gadda se lit la capacité de l’opéra à avoir un vaste public et à ne pas se restreindre à des spectateurs cossus. L’idée d’un opéra populaire se trouve à l’origine de l’entreprise de Bayreuth; les symbolistes s’y rendaient pour une initiation, mais l’effet voulu ne fut pas atteint avant même la récupération nationaliste. Actuellement, la popularité de Wagner perce par le cinéma où il est bien plus présent que Verdi. Quand, par contre, Moravia parle de la « vulgarité » de ce dernier, c’est pour en faire une vertu capable de faire retrouver aux Italiens du XIXème siècle les valeurs de la Renaissance. Le terme « peuple » et ses dérivés se répètent beaucoup dans les discours sur les deux auteurs tout en n’ayant pas sans doute la même acception. Mais le carcan élitiste a connu son heure et le public de l’opéra s’étend de jour en jour.
          La troisième œuvre est Concert baroque (1974), court roman du cubain Alejo Carpentier, qui narre la réunion en plein carnaval, à Venise, en 1710 du vénitien Vivaldi, du napolitain Scarlatti et de l’anglo-saxon Händel un peu éméchés et s’injuriant en présence de nonnes pour se recueillir au matin sur la tombe de Stravinski[7] puis regarder passer la gondole funéraire de Wagner[8] avant de se séparer sur le son de la trompette de Louis Armstrong. Si nous la retenons, c’est que, fiction inventive, elle donne un avant goût, mais un avant goût seulement, et pauvre en regard, de cet amas de représentations conceptuelles et littéraires auxquelles a donné lieu la dualité Verdi-Wagner tout au long de deux siècles. Force et vanité des discours sur la musique, comme dit l’auteur!  
Dans VERDI-WAGNER Imaginaire de l’opéra et identités nationales,  Timothée Picard traite son riche matériel en divisant l’ouvrage en actes (Quatre avec Prologue et Epilogue) et en scènes. Cette présentation opératique n’amène pas un ordre parfait, mais elle a sur les autres la supériorité de donner au livre ce que Michel Leiris, verdien convaincu souvent invoqué, aime dans l’opéra : le coté « festif, joyeux, bigarré, presque carnavalesque ». Les intermèdes intercalés entre certaines scènes servent à poser les questions pertinentes et à retenir l’ouvrage sur le bord spéculatif.






Les deux mots dont nous avons notés le continuel retour sont ceux d’ambiguïté et d’ambivalence, comme si chaque opinion cachait son contraire, comme si l’éloge cachait la critique ou l’inverse. Par ailleurs, il y a une chasse perpétuelle aux lieux communs dont l’époque ne fut pas avare (lier un pays à une musique ou à un compositeur…), lieux communs devenus comme « les réflexes de notre imaginaire ». Aussi, est-on doublement surpris : quand on trouve des catégories « pertinentes et simplificatrices » dont aucune (ni l’opéra, ni la modernité) n’échappe au devenir historique ; quand les stéréotypes éclatent : le mouvement Verdi Renaissance est parti d’Allemagne en 1920 ; aujourd’hui Verdi est plus joué en Allemagne que Wagner ; suivant Nietzsche[9] et Thomas Mann[10], c’est la France[11] qui a le mieux compris Wagner ; à l’heure où Romain Rolland expliquait que Berlioz était le modèle du musicien français[12], Debussy affirmait qu’il n’était ni français ni musicien !…        
Né autour de 1975, Picard appartient à une génération où l’opéra avait déjà retrouvé la faveur populaire. Il montre que présentement et à tous les échelons (mélomanes, interprètes, directeurs d’orchestre, metteurs en scène…) la dualité Verdi-Wagner,  encore qu’elle se manifesta surtout dans la théorie et au détriment du premier, n’est plus. Vive la Musique et vive l’Opéra !



*Timothée Picard a très bien montré la richesse en mélomanes des générations culturelles françaises qui vont de Balzac et Stendhal à Dominique Fernandez en passant par Baudelaire, Proust, Gide et Cocteau…Nous regrettons cependant l’absence totale de Pierre-Jean Jouve, ni wagnérien ni verdien mais amateur de Mozart et d’Alban Berg. Nous sommes aussi étonnés par celle au cœur du sujet de Claude Lévi-Strauss, ardent wagnérien. Mais comme dirait T. Picard, nul ne peut être complet.

Une version allégée de cet article paraît dans L'ORIENT LITTÉRAIRE de Janvier 2014.

     
    



[1] Sans oublier bien sûr la valse verdienne du Guépard, et les œuvres wagnériennes des Damnés et de Ludwig…
[2] Aguirre ou la colère de Dieu (1972), Fitzcarraldo (1982).
[3] Apocalypse Now (1979) et la contestable chevauchée des Walkyries accompagnant l’attaque des hélicoptères au Vietnam..
[4] Deliverance (1972) , Excalibur (1981)
[5] “Remonter le fleuve poussé par la quête illusoire d’un quelconque Eldorado, chercher l’innocence et se retrouver finalement confronté au mal à l’état pur : tel est le point commun de ces œuvres et de ces artistes placés sous le signe de Wagner. » p. 31.
[6] P.  128.
[7] Verdien et antiwagnérien notoire.
[8] Wagner est mort à Venise “d’une fellation ancillaire » suivant l’expression de Michel Leiris in Opératiques.
Sa rencontre plus ou moins prévue avec Verdi dans cette ville n’aura pas lieu. Par ailleurs, la vie de Wagner est divisée par ses amis et ennemis en 3 épisodes : le révolutionnaire sur les barricades de Dresde et l’artiste désargenté de Paris ; la période de Bayreuth et de Louis II de Bavière ; la mort à Venise.
[9] Comme l’affirme Furtwängler (Le Cas Wagner : critique du livre de Nietzsche, 1941) tous les ennemis de Wagner ont puisé dans le pamphlet de Nietzsche.
[10] De La Montagne magique (1924) où Wagner est présent à tous les niveaux (thématiques et formes) aux écrits ultérieurs, le point de vue de Thomas Mann (1875-1955) ont changé en raison de l’influence de Nietzsche et du devenir politique de l’Allemagne.
[11] Pour Baudelaire qui a donné le la, la musique de Wagner mêle inextricablement jouissance érotique et extase religieuse. Du poète à Aragon et Leiris qui ont réhabilité le bel canto et Verdi, le « Dieu »Richard Wagner a dominé la scène culturelle française avec parfois certaines réserves.
[12] A la suite de Rousseau, beaucoup ont considéré la France comme une nation non musicale adonnée aux débats d’idées et important ses musiciens (Lully, Glück, Offenbach…). Ce qui n’empêchaient pas certains de trouver par exemple Glück trop français ou pas assez…

Friday, 6 December 2013

LA PALESTINE PHOTOGRAPHIÉE PAR L'ÉCOLE BIBLIQUE DE JÉRUSALEM








LA BANALITÉ DU BIEN...
 ET SON INVOLONTAIRE BEAUTÉ

Elias Sanbar (direction): Jérusalem et la Palestine, Le fonds photographique de l’École biblique de Jérusalem,  Hazan, 2013, 200pp.


          Loin d’être, ou d’être seulement, un album d’images nostalgique de la Palestine et de Jérusalem avant la Nakba de 1948, l’ouvrage que vient de diriger Elias Sanbar autour de photos choisies (près de 200, la plupart inédites) du fonds unique de l’École biblique de Jérusalem (plus de 15,000) ne peut être approché que par une démarche en colimaçon, proche des excursions de la « caravane biblique » par laquelle l’École, professeurs et étudiants, étendait son exploration de la Ville sainte à toute sa Terre. Il y a les photos à scruter, foyer de l’œuvre; les légendes copieuses à lire pour se doter des instruments indispensables à ce travail exigeant; une carte du fonds photographique révélé arrimée à un historique de l’institution qui s’en est dotée (le texte final de Jean-Michel de Tarragon, chargé de la photothèque de l’École biblique depuis 1994) ; une interrogation de la nature du regard porté par les images montrées (le texte introductif d’Élias Sanbar : Photographier la Terre sainte ?) ; enfin trois études historiques, riches et sereines, d’auteurs chevronnés sur la période dévisagée qui se reflète dans les photos. Mais si le déplacement continuel d’une instance à l’autre prend le lecteur dans une quasi tourmente, on peut dire, sans exagération aucune, qu’il est à la fois stimulant, plein d’enseignements et fécond.
          L’École biblique et archéologique de Jérusalem est un petit institut de recherche fondé en 1890 par le père Lagrange dans le couvent Saint-Étienne acquis par les pères dominicains en 1882, à 300 mètres au nord de la muraille de Jérusalem. Calquée sur le modèle sorbonnard de l’École pratique des hautes études, elle cherchait à étudier la Bible en son contexte physique et naturel et initiait ses étudiants, par des excursions régulières et sur le terrain, à des disciplines diverses (épigraphie, archéologie, géographie historique…) Sa pratique photographique, dans une perspective positiviste et une grande maîtrise des thèmes abordés,  fut « celle d’autodidactes pour ce qui est de la technique ». La visée scientifique à usage interne et au service de publications effectives ou envisagées prédominait et n’était qu’involontairement artistique, suivant la sensibilité et la culture des pères photographes. Le fond appartient aujourd’hui à la communauté dominicaine et est constitué essentiellement de plaques de verre, la plupart en négatif. Une mine inépuisable pour la prospection de ces décades capitales.
          La première des études historiques signée Salim Tamari, professeur de sociologie et d’histoire sociale à l’université de Bir Zeit, examine l’émergence de l’espace public urbain en Palestine. L’auteur l’envisage à partir de trois villes étroitement liées dans la planification : Jérusalem, capitale régionale, Jaffa, ville portuaire et Bi’r al-Sab‘, ville garnison. Il montre, à la suite d’André Raymond et de Zeynep Çelik, que les plans urbains britanniques, de 1918 à 1930, s’inscrivent dans le sillage de plans ottomans modernisateurs encadrés par l’ordonnance de 1877. Tout en intégrant le devenir palestinien dans l’ensemble des provinces de l’Empire (Beyrouth, Smyrne, Damas…), l’étude met en relief le double statut - périphérique et capital - pris par la Palestine pour l’administration d’Istanbul dans la foulée des Tanzimat (réformes) et la nouvelle politique centralisatrice. De grandes places furent créées en vue des défilés militaires et des cérémonies impériales ainsi que des espaces de loisirs pour la bourgeoisie. Les lignes de séparation entre domaines privé et public explosèrent. « Le processus de croissance engendra des disparités, tant au sein des villes qu’entre leurs régions respectives ». À travers les images qui accompagnent le texte ou le suivent, le cours des choses est palpable.
          La deuxième étude - due à un autre universitaire de Bir Zeit, Nazmi Al-Jubeh, - est centrée sur Jérusalem. Elle montre le retour, « sept siècles après les croisades », de l’architecture occidentale dans la ville avec la fin de la guerre de Crimée (1856) et la prépondérance des puissances européennes. «Églises, couvents, écoles, hospices, auberges firent leur apparition, modifiant l’aspect de la ville, occupant les parcelles laissées vides après les tremblements de terre, aux XVIIe et XVIIIe siècles notamment. » Deux villes naissent côte à côte et un transfert de population a lieu, les juifs quittant la vieille ville pour un nouveau quartier à l’ouest exclusivement leur. Les tensions qui naissent alors n’ont pas lieu uniquement entre les communautés, mais à l’intérieur de chacune (ashkénazes et séfarades, juifs qaraïtes, juifs yéménites qui s’installent au village palestinien de Silwan…) Le « savant mélange de styles » intégrant des éléments locaux et employant exclusivement la pierre de Jérusalem qui caractérise les nouvelles constructions trouve une place de choix dans les photos.
          Le pèlerinage annuel (mawsim) au sanctuaire musulman du Nabî Musâ, situé à 27 km de Jérusalem et non reconnu par les deux autres religions, est l’objet d’une étude de l’anthropologue Emma Aubin-Boltanski. Elle en montre les tenants familiaux (place prépondérante des Husseini) et décrit sa dérive en événement politique (1911 et 1920). Des images nombreuses et superbes au texte argumenté, le passage est limpide et direct.

          Il n’est que naturel de finir par où le livre commence : l’interrogation d’Elias Sanbar, radicale dans son principe, simple dans son aboutissement. « Qu’est-ce qu’une image de la sainteté ? » La réponse est cinglante, humaine, profane, prosaïque et poétique : à travers le prisme austère et fidèle des dominicains, la Palestine est « le pays simple des gens simples » saisis dans leur « banalité ordinaire ». Qu’y a-t-il de plus attachant ?