Saturday 9 November 2013

ما الفلسفة؟ : (2) الولادة




         


       الفلسفة عبارة يونانية ، والسؤال "ما الفلسفة ؟" بما هو سؤال يسعى إلى ادراك الماهية، هو ايضاً سؤال يوناني. وهذا السؤال ، في صيغته هذه، هو ما يحوّل سقراط إليه سائر الاسئلة ، وما يطرحه باستمرار على محاوريه : ما الشجاعة ؟ ما الفضيلة ؟ ما التقوى؟... أفلاطون في حواراته، وأرسطو في فلسفته ومنطقه، هما بعد سقراط، الدليلان المرشدان على دروب الماهية : ما الجمال؟ ما العلم ؟ ما الوجود ؟ ما العلة ؟ ما الحركة ؟ ما الجوهر؟

        للفلسفة اذا بطاقة هوية تحمل مكان ولادتها وزمانه .
المكان : المستعمرات اليونانية في آسيا الصغرى، او ما اطلق عليه الاغريق القدامى اسم إيونيا.
الزمان : القرن السادس قبل الميلاد.
        فما العوامل التي ساعدت على ولادة الفلسفة في ذاك الزمان وذاك المكان .

1-   اللغـة اليونانيـة

        كانت اللغة اليونانية مؤهلة أكثر من غيرها ، لتحديد المعاني وتوجيه التفكير إلى تحديدها تحديدا وافياً ولتنظيم التجربة تنظيماً منهجياً . ونورد، على سبيل المثال، عاملين[1] هيآ اللغة اليونانية للتفكير الفلسفي :
        أ- وجود عبارة توازي "ال" التعريف[2] في العربية وتوجّه الانتباه للماهية  : ليس "الإنسان" هذا أو ذاك الفرد انما هو ماهية عامة . وفي اللغة اليونانية تتحول الصفات بسهولة الى اسماء متى زيدت إليها "ال" التعريف. فالمثل الافلاطونية مثلا نعوت أصبحت اسماء (العادل، الحسن، المعادل...)
        ب- وجود فعل أون  (ôn, to be, être) الذي يربط الاسم بالصفة والمبتدأ بالخبر[3]. ولهذه العبارة معانٍ عدة (الوجود، الكائن، الهو) مما يفسر الى حدّ ما تعدّد الفلسفات السابقة لسقراط (الوجود هو في نظر الإيونيين الكمية، وفي نظر بارمنيدس الماهية، وفي نظر الفيثاغوريين العلاقة، وفي نظر الذريين الحيّز...). والوجود صفة يمكن اطلاقها على جميع الأشياء مما يتيح لارسطو تحديد الفلسفة : "علم الوجود بما هو موجود ". ولا يمكن تصوّر الأسئلة الجذرية التي طرحها افلاطون خارج هذه العبارة وتداولها : كيف يمكن أن يصدر الوجود عن اللاوجود ؟ (مشكلة التغيير). كيف يمكن للكائن أن يظلّ هو نفسه وأن يكون مختلفاً عمّا هو ؟ (كيف يمكن أن أقول : "سقراط إنسان" وفكرة سقراط مختلفة عن فكرة إنسان) [4].
        لكن لولا حصول تحوّلات اجتماعية مهمة، لبقيت امكانيات اللغة اليونانية دفينة ولما انتقلت الى حيز التحقق . وأصلاً، لم تعرف كل المدن اليونانية الفلسفة (إسبرطة على سبيل المثال، رغم اناقة لسانها اليوناني، ظلت غريبة عنها) .

2- التحولات الاجتماعية في بلاد اليونان[5] :

        أ- المتغيـرات الاقتصادية :
          كانت اليونان القديمة مجموعة من المناطق تحكمها أرستوقراطيات زراعية . لكن التجارة القائمة على تبادل البضائع عن طريق البحر ما لبثت ان توسعت . مما أدى الى نمو الحرف، من جهة ، والى تطور المدن على حساب الريف، من جهة أخرى . ونشأت مستعمرات عديدة في الجزء الجنوبي الغربي من شاطىء آسيا الصغرى (إيونيا) وفي جنوب ايطاليا (اليونان الكبرى). وكان لهذه المستعمرات عدد لا يحصى من الفروع في شرقي حوض البحر المتوسط والبلدان المجاورة . وليس صدفة ان ينتمي الفلاسفة الثلاثة الاول (طاليس، اناكسيمندرس، اناكسيمينس) إلى مدينة ملطيه MILET الإيونية التي كانت أكثر المستعمرات غنى ونشاطاً في القرنين السابع والسادس ق.م : "ما من مدينة متوسطية جابهت مشاكل أكثر حدّة واستعصاء على الحل في اطار التقاليد المتزعزعة (من ملطية)، وما من مدينة غيرها امتلكت في الوقت ذاته وإلى المدى ذاته امكانية مواجهة هذه المشاكل بتفاؤل دنيـوي"[6].
        وأدّى توّسع التجارة والمستعمرات إلى ايجاد النقد (العملة المعدنية) الذي يعتبره المؤرخون اختراعاً يونانياً يعود الى القرن السابع (مملكة ليديا في آسيا الصغرى). ففي المشرق كانت المعادن الثمينة بضاعة تتميز عن غيرها بصفتين : سهولة التداول والاستمرارية (عدم القابلية للاهتراء والتلف). أما في بلاد اليونان، فالنقد أصبح مرادفاً عاماً لجميع البضائع تقوم السلطة على اصداره وكفالته. ونجم عن هذا الاختراع نتائج عدة :
        1- ساهم في توسيع القطاع التجاري وفي استيلائه على جزء من المنتوجات الاستهلاكية المتداولة. (بقيت الأرض، إلى حد كبير، خارج دائرة الاقتصاد التجاري لأن العمل فيها كان له صفة دينية ولأن معظم الشرائع اليونانية كانت تحظر بيعها).
        2- أوجد نوعاً جديداً من الثروة مختلفاً عن امتلاك الاراضي والمواشي وطبقة جديدة من الأغنياء سوف يكون لها دور كبير في اعادة تنظيم المدينة .
        3- أصبح هناك وسيلة موضوعية، كمية ومجردة، لقياس قيمة البضائع[7].
        4- على الصعيد النفسي، أحدث انتشار المال والفوارق في الثروات صدمة اخلاقية : لما كانت الثروة تحدد اهمية المرء ، ولما كان في الانسان رغبة لا تُحدّ في جمع المال، تسرّب الشك الى فكرة الانسان الفاضل بفطرته.

        ب- التحولات السياسية :

           يقول هيغل : "إرتبط  ظهور الفكر تاريخياً بازدهار الحرية السياسية"[8]. الفلسفة هي وليدة المدينة الديموقراطية وما تطوّرُها المتأخر في أثينا (قياساً على المستعمرات الإيونية واليونانية الكبرى) إلا نتيجة الاصلاحات التي ادخلت على البنية السياسية للمدينة والتي ارتبطت تاريخياً باسم كليستينس .
        بعد اصلاحات صولون (640-558 ق م) الاقتصادية (حلّ مشكلة الديون وتوزيع الاراضي) طرح كليستينس (حوالى 508 ق م) مسائل سياسية . وقد أفضت إصلاحاته إلى إدخال السياسة إلى حياة اليونان الاجتماعية. حاول السياسي الاثيني هذا معالجة المشكلة الآتية : كيف يمكن ابتكار نظام يسمح بتوحيد الجماعات الانسانية التي تفرقها اوضاع اجتماعية وعائلية وجغرافية ودينية متباينة؟ ما الوسيلة لانتزاع الافراد من ولاءاتهم القديمة والتقليدية ولربطهم بمدينة متجانسة يتساوى مواطنوها ويساهمون جماعياً في إدارة الشؤون العامة ؟ يكون الحل في ايجاد مؤسسات ديموقراطية يُغني عملها المنتظم عن اللجوء الى عبقريّة فذّة (الطاغية) كلما تأزمت اوضاع المدينة .
        أدت اصلاحات كليستينس الى تغيير جذري في النظرة الى الحيّز المديني . لم يعد تنظيم المدينة نتيجة الانتماء الى عشائر بل غدا نتيجة للتوزّع على أماكن. فالقبائل[9] والوحدات الادارية وقائع ترتسم على خريطة. وفي وسط هذه الخريطة تقع المدينة حيث تتمثل جميع القبائل. وفي وسط المدينة تقوم الأغورا حيث يجتمع ممثلو القبائل وحيث يبحثون ويقررون سياسة المدينة . ولهذا المركز مغزى سياسي لا ديني[10]، فهو نتيجة اختيار بشريّ. وتتعادل جميع أقسام المدينة وتتساوى في موقعها منه . لم تعد الكهنوتية نفسها تقتصر على بعض العشائر بل أمسى الكاهن موظفاً يُختار من الجسم المديني . وهكذا، "بينما كان الحكم والسياسة، في دول الشرق الأدنى، من صلاحيات التنظيم الديني، أصبح الدين ، عند الاغريق والرومان، إحدى صلاحيات التنظيم السياسي" (م. فنلي).
        وقُسّمت السنةإلى عشرة شهور عملاً بعدد القبائل مما أتاح لممثلي كل قبيلة ان يرئسوا المجلس مدة شهر. واعتمد الرقم 10 (عدد القبائل) لا 12 (عدد الآلهة) في التقسيمات وذلك تجاوبـاً مع انتشار العملة وفي سبيل تسهيل الحسابات .
        يمكن تلخيص جميع الاصلاحات السابقة بكلمتين : العلمنة والمساواة (إيزونوميا). إستقل التنظيم السياسي عن التنظيم الديني واعتبر جميع المواطنين متساويين امام القانون[11].

        ج- التحوّلات الفكرية :
           حصلت ، على الصعيد الفكري، تغيرات كثيرة نذكر منها ولادة ثلاثة علوم: الرياضيات وعلم الفلك والتأريخ بالاضافة إلى مهارة الطب وفن جديد هو السفسطة .
        1- الريـاضيات :
            توصّل الإغريق الى عزل الرياضيات عن المعتقدات الدينية وعن التطبيقات العملية وجعلوا منها علماً مستقلاً متكاملاً (طاليس، فيثاغورس). عرف البابليون والمصريون القدامى الرياضيات لكنها ارتبطت عندهم بالمعتقدات الدينية واستُخدمت في الانجازات العظيمة مثل الأهرام وغيرها دون أن تكوّن علما مستقلا. وسيلعب المنهج الرياضي من الفلسفة دور النموذج إن من زاوية الطابع الذهني المثالي المجرد للمواضيع الرياضـيــة او مـن زاوية اسلوب البرهان الاستدلالي . وسيكتب أفلاطون على باب معهده : "لا يلجن أحد هذا الباب ما لم يكن عالم هندسة"[12].

        2- علم الفلك :
           لم تتخطَ معلومات اليونانيين الفلكية معلومات البابليين مثلاً . لكن ثمة فوارق ثلاثة أساسية بين علم الفلك البابلي و مثيله اليوناني .
           أ- يندمج علم الفلك البابلي في المعتقدات الدينية . فالاهتمام بكوكب الزهرة ناجم عن تأليهه وعن دوره (المفترض) في التأثير في حياة البشر. فموقعه يرشد الى ما سيحصل للافراد والجماعات .
          ب- يختصّ الكتبة بعلم الفلك البابلي ويعملون في خدمة الملك (الرئيس الديني والدنيوي) فيدوّنون ما يحصل على الارض (تفاصيل الحياة الاقتصادية: المحاصيل الزراعية والتوزيع والتبادل...) وفي السماء (حركة النجوم).
        ج- لعلم الفلك البابلي طابع حسابي . يستطيع البابليون التنبؤ بخسوف الشمس لكنهم يعجزون عن تصور حركات الكواكب على النمط الهندسي . فهم لا يهتمون بحركة الكواكب انما بموقعها في لحظة معينة .
        يختلف علم الفلك اليوناني عن الأول :
أ- ينبع الاهتمام بالكواكب من هدف دنيوي: معرفة ما يحصل في سماء نُزِعَ عنها الطابع المقدس وتفسيره.
ب- لما كانت المدينة الاغريقية ديموقراطية، لم يعد العلم محصوراً بفئة معينة واصبحت النقاشات علنية ويطّلع الجميع عليها. كانت الكتابة حكراً على فئة عند البابليين واصبحت وسيلة إعلام أساسية عند الاغريق .
ج- يهتم الاغريقي بحركات الكواكب (وخصوصاً الدائرية منها) لا بمواقعها فقط. نظرته هندسية وليست حسابية .
        كانت النظرة الى الحيّـز عند الإغريق أيام هوميروس كيفية ومعيارية (اليمين اتجاه حسن واليسار اتجاه سيء ؛ السماء عالم الالهة والخلود وما تحت الارض عالم الموت والفساد). فاصبحت لدى الفلاسفة الأولين كمية ووضعية : جميع الاماكن متعادلة ومتشابهة . مثلاً : يعتبر اناكسيمينس أن الكون كروي الشكل وأن الارض في وسطه عمود وجميع نقاط الكرة متساوية في بعدها عن المركز .
        ما هو سبب هذا التحوّل ؟ يلاحظ جان بيارفرنان التوازي بين التحولات السياسية والتحولات الفلكية : الارض والاغورا كلاهما في الوسط، وسط الكون ووسط المدينة؛ جميع نقاط الكرة الكونية وجميع سكان ومناطق المدينة متساوون بالنسبة للمركز .
         3- الطب:
        كتب أبيقراط (450-377 ق م)، وهو الذي عُرفت باسمه 41 رسالة طبّية، في بداية "رسالت(ه) عن داء النقطة" : " أعتقد أن داء النقطة، الذي يُطلق عليه أيضا اسم الداء المقدّس، ليس أكثر ألوهية وقدسية من غيره من الأمراض ، وإذا كان البشر قد أعطوه في البداية أصلا وعللا إلهية، فمن باب الجهل". تلخص هذه السطور النظرة الجديدة إلى الطب والأجسام الحيّة أي المسعى إلى فصل الطب عن الممارسات السحرية والدينية.
        أشهر الأطباء الفلاسفة أنبذقليس. وبين الذين طبع الطبُ فلسفتهم أناكساغوراس الذي اهتم بالتشريح وعلم الحياة وانطلق من الظواهر الطبيعية كعوارض وأرسطو (كان والده طبيبا ) الذي تأثر بعلوم الحياة (العلة الغائية، القوة والفعل) إلى مدى شبيه بتأثر أفلاطون بالرياضيات.

4   - علم التاريخ :
          كانت الملاحم الهوميروسية والمآسي المسرحية تروي باسلوب فني صراع الإنسان مع الالهة، بنظرتين مختلفتين ومنهجين متباينين. لكن هيرودوتس[13] وتوكيديدس[14] أوجدا، في القرن الخامس، اسلوباً جديداً لمعالجة الصراعات الاجتماعية. روى الأول صراع الاغريق مع الفرس وأسباب انتصار مدن اليونان على اخصامها، ووضع بين أيدي المواطنين المحاربين مفتاح تاريخهم. أما الثاني فدرس الصراعات التي نشبت بين المدن اليونانية، وربط السياسة الخارجية بالسياسة الداخلية، وابرز استقلال الصراع السياسي داخل التشكيلة الاجتماعية .
                مع تأسيس علم التاريخ :
أ) أصبحت الاحداث الانسانية مستقلة كلياً عن الدين لها أسبابها ونتائجها المحتومة.
ب) أصبح الميدان السياسي ميداناً مستقلاً يقوم في ذاته .


5- السفسطة :
           لما كانت الديموقراطية هي النظام السائد، ولما كان الكلام أمضى سلاح في النقاشات الجماعية، نشأت السفسطة التي تُعلّم مدارسُها اتقان الأساليب الخطابية وتطوير الحجج المنطقية . قدُمَ السفسطائيون إلى أثينا من خارجها وهي أغنى مدن اليونان وأرسخها في الديموقراطية وجعلوا من التعليم مهنة وسبيل عيش. أما إرثهم، وقد فُقد معظمه، فهو موضوع نقاش إلى اليوم[15].
 
        أدى تضافر جميع العوامل السابقة الى الانتقال "من الخيال الى الواقع، من السحر الى الممارسة العملية، من التموضع (الاجتماعي) إلى الشمولية (الإنسانية)، من الرغبة إلى المقال العقلاني"[16].
وجديد الفلسفة وثورتها هي في تضافرهذه  العناصر وتكاملها ومسعاها اللامتناهي العقلاني الشمولي لإدراك الحقّ.

          ولدت الفلسفة في إيونيا (آسية الصغرى) وكان محورها الأساسي الطبيعة (فوزِس) وماهيتها وانتقالها من الفوضى إلى النظام. غادرت بعد ذلك إلى اليونان الكبرى (جنوب إيطاليا)، فانتقلت إلى التمحّص في العقل (في مستعمرة إيليا: برمنيدس وزينون) وجمع الاهتمامين الطبيعي والعقلاني (أنبذقليس، فيلسوف أغريجانت). وثمة تيار ثالث للفلسفة في الجزر الوسيطة أولى العناية الأكبر لخلود النفس والعلم الرياضي (فيثاغورس). ولما جاءت الفلسفة إلى أثينا، أغنى مدن اليونان وأكثرها عراقة، جمعت كل ما سبق من اهتمامات وزادت إليها الاهتمام بالإنسان ("إعرف نفسك بنفسك") مستفيدة من انجازات المسرحيين والمؤرخين



[1] راجع بيار أوبنك، مقالة "الفلسفة القديمة" في أنسكلوبيديا أونيفرساليس (بالفرنسية).
[2]  لا تملك اللغة اللاتينية مثيلاً لهذه الأداة .
[3]  يغيب هذا الفعل عن اللغات السامية (ومنها العربية) كافة وينحصر وجوده في اللغات الهندية الأوروبية .
[4] لاحظ  عالم الألسنية إميل بنفنست في مقاله "مقولات الفكر ومقولات اللغة"(1958) التماثل بين مقولات الوجود الأرسطية ومقولات اللسان اليوناني. راجع مسائل الألسنية العامة (بالفرنسية) باريس، 1966 ، ص ص 63-74.
[5] نعتمد هنا بشكل اساسي على مؤلفات جان بيار فرنان الصادرة أصلا بالفرنسية وبنوع خاص على كتابيه : أصول الفكر اليوناني (1962) الخرافـة والفكر عند الاغريـق (جزآن (1965)، دار ماسبرو).
[6]  جان برناردت في تاريخ الفلسفة لفرنسوا شاتلية ( الجزء الأول, ص25).
[7] يـذهب المؤرخ الماركسي البريطاني جورج طومبسون (الفلاسفة الأول، إديسيون سوسيال) الى اعتبار مفاهيم الوجود والماهية والجوهر التي توحّد الاشياء مثلما يوحد النقد البضائع انعكاساً فكريـاً لانتشار العملة . وهذا الرأي مبالغ فيه بلا ريب .

[8] أمثـولات في تاريـخ الفلسفـة ( الطبعة الفرنسية، الجزء الثاني، ص10) (يقصد هيغل هنا بالفكر الفلسفة).
[9] تشير العشيرة الى رابطة الدم بينما تشير القبيلة الى الرابطة المكانية الادارية .
[10] كان للاغورا قبل كليستينس مغزى ديني كوني فهي مكان ارتباط المدينة بالارض.  لم يختفِ هذا المغزى في الاصلاحات، لكنه سيصبح ثـانويـاً.
[11] طبعا لا العلمنة كانت كاملة، إذ بقي للبيت طابع ديني، ولا المساواة كانت تامة إذ بقي خارجها النساء والأجانب والعبيد.
[12] أراد أفلاطون بالتشديد على الهندسة (جيومتري) التمايز عن الفيثاغوريين الذين شدّدوا على الحساب (أريتميتيك).
[13] هيرودوتس "أبو التاريخ" (484-420 ق م ) صاحب التواريخ أو ألتحقيق وفيه روى رحلاته إلى مصر وبلاد الشام وصور وبابل وبلاد الفرس وأرّخ للمجتمع اليوناني وحروبه. ولد في إيونيا (هاليكارناس، حاليا بدروم) واستقرّ فترة طويلة في أثينا وأنهى كتابه وتوفي في إحدى مستعمرات اليونان الكبرى.  
[14] توكيديدس سياسي ومؤرخ أثيني (460-397 ق م) صاحب تاريخ حرب البيلوبونيز وهي الحرب التي دارت بين أثينا وإسبرطة بين 431 و404 ق م.
[15] يمكن العودة في هذه المسائل إلى نيتشة وكاستوريديس.
[16] فرنسوا شاتلية : تاريخ الفلسفة (الجزء الاول، ص 20).

Saturday 2 November 2013

ALEXANDRE NAJJAR ET "LA PLANÈTE SUÈDE"



Un pays qui a un tel respect de l’homme et de la nature et qui s’ingénie à améliorer « sans cesse son quotidien par de nouvelles pratiques et de nouvelles lois »




Alexandre Najjar: Les anges de Millesgârden, Récit d’un voyage en Suède, Le sentiment géographique, Gallimard, 2013.

          Si Alexandre Najjar n’a pas intitulé son dernier ouvrage Les Lettres suédoises pour faire écho aux Lettres persanes de Montesquieu, les intitulés de ses 17 chapitres si hauts en couleurs, à la manière du XVIIIème siècle, n’occultent pas  la référence : « Où l’on découvre l’aéroport de Stockholm, les taxis, la neige, Bernadotte et l’alcool », « Où l’on découvre un personnage de Michel Tournier et les Suédois au quotidien »… Reste que le titre choisi ne manque pas d’attrait ni par son énigme propre ni par la référence aux anges,  « terribles » selon Rilke, mais « par leur existence trop forte ». Les anges [musiciens] de Millesgârden, ce sont ces bronzes du sculpteur Carl Milles (1875-1955), disciple de Rodin, sur une belle île de la banlieue de Stockholm dans le jardin entourant la résidence de l’artiste. Ces œuvres sont « perchées sur des colonnes si fines qu’on les croirait en apesanteur » ; « ils ont un rôle de messager, d’intercesseur entre ciel et terre ». C’est donc autant par allusion au côté paradisiaque de la Suède que par acte de foi dans le dialogue culturel que le titre a été retenu.
          Le livre est le récit d’un voyage à Stockholm et à Göteborg. L’auteur s’y est rendu en sa double qualité d’auteur traduit en suédois (L’École de la guerre, 1999),  mais d’où la dimension libanaise n’est jamais absente (il donne une conférence sur Gibran) et d’écrivain francophone. Cette dualité se manifeste à toutes les pages. Mais si le livre suit l’ordre chronologique du séjour, commençant par l’aéroport et finissant par lui, Najjar a su répartir les thèmes d’intérêt dans les chapitres de sorte qu’on assiste, sinon à une initiation ascendante, du moins à une randonnée générale où la curiosité du lecteur est toujours mise en éveil, où la composition est équilibrée et où le terme sembler fermer la boucle.
          On apprend beaucoup dans ce livre et sur bien des sujets. Mais ce qui frappe surtout en lui, c’est son côté récréatif, la bonne humeur dont il se ressent et la légèreté « aérienne » qu’il dégage. C’est un véritable voyage en Suède, le froid en moins, un bon compagnon en plus et le vagabondage culturel au programme. Si la devise du classicisme est « plaire et instruire », cet ouvrage l’illustre bien par ses voies propres. « Les travaux les plus ardus ne sont pas incompatibles avec un brin de dérision ».
          C’est « la planète Suède » qui est évidemment explorée et elle l’est sous tous les angles : des paysages à la corruption, de l’Etat à la population, de la famille royale aux musées, des cimetières à l’écologie, des immigrants arabes et musulmans à l’Académie suédoise, du cinéma aux couples et à la la vieillesse…«A partir du ciel, de la terre et de la mer » comme le signale à propos de Stockholm l’intitulé d’un chapitre. Najjar a beaucoup lu sur les Bernadotte, le séjour de Descartes chez la reine Christine, sur celle-ci jusqu’au film de Mamoulian, le préféré de Staline, sur « la mentalité suédoise ». Il a une oreille extrêmement attentive aux conversations et sait choisir et rendre leur contenu (on apprend, par exemple, que le français n’est qu’au 5e rang des langues non seulement après l’anglais et l’allemand, mais après l’espagnol et ne survit que dans la catégorie la plus cultivée de la société ; que les Suédois, si fiers de leur pays, aiment s’entendre dire qu’ils sont différents de leurs compatriotes). Mais surtout il se révèle un excellent observateur des mœurs et des visages et un saisissant auteur d’esquisses. La seule faiblesse que je note ici est la comparaison fréquente de la Suède au Liban (pour la sécurité, l’ordre, la propreté…) et aux pays musulmans (quant aux libertés et droits de la femme) : elle ne fait qu’enfoncer une porte ouverte. Enfin si l’auteur proclame sans ambages son admiration pour un pays qui a un tel respect de l’homme et de la nature, qui s’ingénie à améliorer « sans cesse son quotidien par de nouvelles pratiques et de nouvelles lois », il ne cache ni les ombres de la Suède, ni les défis nouveaux auxquels elle est confrontée.
          Le livre nous révèle aussi un Alexandre Najjar détendu, amusé, parfois naïf, souvent cravate défaite, imbu du Liban et le traquant partout dans les musées et parmi les hommes, digne représentant de la culture et de la langue françaises. Un honnête homme ouvert, plein de bon sens, cultivé, sans affectation (attaché à un seul film de Bergman, déçu par les villes de Casablanca et Carthage, rebelle a la peinture abstraite…), parlant simplement de son enfance, de son goût du jardinage, des souvenirs familiaux,  cinématographiques et littéraires.

Comme la générosité est le principal trait d’Alexandre, il partage avec son lecteur ses acquis culturels et ses conversations, dont une particulièrement intéressante avec François Nourissier à Beyrouth. Par Les anges de Millesgârden, il nous a fait don d’un livre d’amour pour la sculpture, la France, le Liban, Jésus…et surtout pour le voyage et  la Suède.