Wednesday 18 September 2013

غسان تويني والكتاب

                                      


                                                         فتنة الكتاب وإعجازه
                                     غسان تويني مؤلفا








 طموحي في النهاية أن اكتب كتابا أفرح به وأحسه عظيما،  وهذا لا يعطى للصحافي، لان هناك عداء أساسيا بين الكتابة للأجيال الآتية لاحقا، والكتابة الصحافية حيث لا يستطيع الصحافي أن ينتظر لكي تنصفه الأجيال، بل يحتاج ان ينصفه القارىء في يوم النشر، بل ساعة صدور المقال.
                                            غسان تويني  
                                            سر المهنة...وأسرار أخرى، ص554، 1995



بين غسان تويني والكتاب قصة حب لا تنتهي. وفي أصل هذا الود توق القرب  إلى المسافة، والعبور إلى الثبات، والقصيدة إلى الديوان، والهامش إلى المتن، والسطح إلى العمق، والتعليق إلى الحدث، والتفصيل إلى الشمول. وفيه أيضا نزوع الحاضر إلىالماضي والمستقبل، وذات الصحافي والسياسي إلى الذات الخالصة، والفرد إلى الكلية الإنسانية. ومأساة غسان تويني، في بعدها الكتابي، أنه يحقق في كل مقالة من مقالاته ما يتوق إليه، إلا أنه يحققه إلى مدى لا يشفي الغليل، أو قُلْ غليلَه، فتتفاقم الخشية من فقدان ما خُطَّ وأرتوى من الجوارح والآمال وضياعه على صفحات جرائد يطويها الليل وتقذف بها الأيام إلى مجاهل النسيان.
في الكلمة قدسية، فكيف في الكتاب؟ وقدسية الكتاب تأتي بداية من الله الخالق والشارع والناطق بالأنبياء والرسل، ثمّ من الأدب الحالم بكتاب يقوم بذاته وأسلوبه مستقلا عن كل المواضيع وملاذاً لكل ما في العالم من أشياء (فلوبير، مالارميه...). والكتاب، بوجهه العلماني المحض،  نابع من صناعة العقل الذي أنجز، على سبيل المثال لا الحصر، "جمهورية" أفلاطون وحواراته الأخرى، وكُتُبَ "النقد" الثلاثة لكنط، وكتب هيغل الأربعة...فأمسك بمنطق الأمور، باطنها والظاهر.
 يقول بورخس:" كل شيء يخرج من كتاب وكل شيء إلى كتاب ينتهي."
 غسان تويني لا يدرك ذلك فحسب، بل يحياه، بل يشاؤه. وأبلغ تعبير عن ذلك صفحتا الوقاية من كل جانب من الكتاب المجموع بعد وفاة ابنه مكرمUn matin d’innocence وفيهما تجسيد بالصور لدماغ مكرم في لحظاته الاخيرة. ولا اعرف جرأة توازي  جرأة استخدام هذه الصور المأساوية كعنصر زخرفي في كتاب نشر بعد وقت قصير من الوفاة. لكن الكتاب ليس ما تنتهي اليه الاشياء وحسب، بل ما يمنع الاشياء من الانتهاء. ففي داخل الصحافي والناشر والسياسي والدبلوماسي والأكاديمي...المعبّر عن آرائه بالمقالة والمحاضرة والخطاب والرسالة والتقرير، والذي يحيا بالكتابة ولها، لا يمضي يوم إلا ويخوض فيه غمارها ويعود إلى ما كتب مصححاً ومبلوراً ومجّملاً، في داخل ذالك، يعيش غسان الشاعر، العاشق، طالب الحكمة، المؤمن المستقيم الإيمان. ويتمثل أفق تعدديته، وتعددية ما يتناوله بالتعليق، في "النظرة الشمولية المتماسكة"(1) التي تجمع الأمور كلها، وتربطها ربطا محكما،  ولا تصير كتابا إلا بتوحدها بالوحي وجميل البيان، وانتفاء الحدود بين الذات والموضوع لجهة استنفاد الاولى للثاني.
قرض غسان الشعر الفرنسي وهو على مقاعد الدراسة الثانوية(1940-1943)، أي عندما كان بين الرابعة عشرة والسابعة عشرة من عمره، وأودع في قصائده "عبارات المراهقة وخواطرها ورؤاها"(2)، وقرأها مع "من ساعدته على إعادة اكتشاف أحلامه الغابرة"(3)، ونشرها بعد أن مضى ما يقارب النصف قرن على كتابتها. وهو لايتوانى اليوم عن القول بأن هذا الديوان هو الأثير لديه من بين كتبه(4)، أي أن في شعر صباه المتروك يقيم أكثر أبعاده أصالة. ويوضح تويني علاقته بالشعر واستمراره على مذهبه قائلا:" صديق كبير يكرر دوما أنني شاعر سياسي أكثر مما أنا كاتب سياسي..يمكن...الشعر، إذا قصد به الجمالية في الكتابة، أو كانت الأفكار من القلب قدر ما هي من العقل، صحيح هذا القول، شرط ألا يعني أنني دائما أحلم."(5)
وبين الشعر والعشق تغيب المسافات وتضيع الهويات. فالشعر ينبض عشقا،  والمعشوق شاعر حوّل الفقدان والألم والحب والأرض والوطن إلى قصائد رائعة تستوي في دواوين مكتملة الصياغة قبل أن تُجمع في أعمال كاملة. ولئن كان الخلق الشعري عملية لا تقبل الازدواج في منبعها، فإنها تستفيد من ملاحظات قارئها الأول والأحب، وتحتاج، في إخراجها المادي، إلى العين الساهرة الودودة الخلاقة الساعية إلى ملاقاة النص وإلى المساعدة في إبراز أبعاده كافة. وفي سهر غسان على نشر مؤلفات ناديا تويني وإخراجها الإخراج المناسب واللائق وحدة الحب والشعر والكتاب، وتماهي العاشق والمعشوق. وتذهب العلاقة إلى أبعد من ذلك، فتمتد المشاركة تحت راية الشعر إلى الآراء والكتابات كلها:" إن المواقف التي كان يظن أن ناديا تتضامن معي فيها، إنما كانت دائما تتخذ من منطلق المشاركة وبعد حوار طويل أفتقده منذ غيابها فأحس أحيانا كأني بت نصف إنسان، وأظل أتوق إلى حضورها فاطلبه في ما خلّفت من كتابات أنشرها وشعر أرويه! ولو كانت ناديا تقرأ الآن لقلت لها، مثلا، ان كتابي بالفرنسية "حرب من أجل الآخرين" الذي وضعته بعد وفاتها، عام 1984، وهو عصارة آرائي ومواقفي واختباراتي في الحرب، إنما هو الترجمة النثرية لديوانها الأخير "محفوظات عاطفية لحرب في لبنان "... وغالباً ما كنا – ولا أزال – نستعمل الفكرة، بل العبارة ذاتها، في شكلين متقاربين، من غير ان يعرف أحدنا أو يهتم، أيّنا كتبها قبل الآخر"(6). في البدء كان الشعر وصار شعراً ونثراً وعملاً.
وإلى الشعر والعشق، يشكل "الشغف بالفلسفة"(7) ما يربط تويني ربطا وثيقا بالكتاب. وفي شهادته أنه انصرف مكرها عن الفلسفة في اللحظة التي كان يزمع التفرغ التام لها تأليفا وتدريسا:" في نفسي عزاء أن والدي مات ولم يقرأ آخر رسالة كتبتها إليه، وكنت أقول له فيها انني أميل للانصراف للتدريس والتأليف الفلسفي، وليس في نيتي العودة إلى "النهار"، ولا ربما إلى لبنان بل قبول عرض من جامعة هارفارد، أو إحدى دوائرها، للعمل هناك، بصورة متواضعة طبعا، بينما أنجز كتابة أطروحة الدكتوراه( التي لم اكتبها مذ ذاك!) عن إمانويل كانط ونظرته إلى الحرية في فلسفة السياسة والأخلاق والتاريخ..."(8). إن القراءة الفرويدية للمقطع السابق، بما تظهره من ثورة على الوالد واستبطان له، لا تنفي ما للفلسفة من دور محوري في تنشئة تويني. ونراه في كلامه عن والد آخر يرسم ما أخذ عن الفلسفة:" من الدكتور [ شارل ] مالك، تعلمت، مع الفلسفة، ضرورة الشمول في النظرة، فلا تعامل الأحداث، ولا تتعامل مع الأنباء خصوصا، من دون أن تحلها في إطارها الأشمل: ليس جغرافيا وحسب، ولا تاريخيا وحسب، بل، ابعد من التاريخ والجغرافيا، تحلها في سلالتها الفكرية، حتى لا أقول التسلسل الديالكتيكي. إذ ذاك، يصبح الحدث، كالنبأ بالنسبة إلى الصحافي، قابلا لإعمال المنطق تقدر ان تستقرىء منه ما يترتب عليه من أبعاد، تبعا لما رتبه وجوده من أصول، ويصبح المنطق مفتاح كل معرفة وكل تصرف"(9). لا ريب أن ما أخذه تويني عن "حب الحكمة" يتعدى ما ذكره من توق إلى شمول الرؤية ومن إعمال للمنطق، بما فيه من سعي لا يكلّ إلى الحق، ومشيئة لا تحدّ إلى الحرية والتحرر. لكنه كافٍ ليكشف ما يجعل المقالات اليومية المتوالية تنزع إلى الكتاب الجامع المفسر المؤسس. والجدير بالذكر أن الأستاذ القدوة نفسه لم يحقق الكتاب، بل اكتفى منه ب"المقدمة"، بل بالقسم الأول منها(10). 
 يناقض الإيمان الفلسفة ويكملها في آن معا. لذلك فإن تويني لا ينفك يسترجع عبارة القديس يوحنا الدمشقي:" إحلال القلب في العقل"(11). فالفلسفة بوجهها التنويري وقد مارسها  تويني عند إمانويل كنط ومعه هي "الجرأة على استعمال العقل" بلا إشراف من الغير مع ما يفرضه ذلك من خروج على "الكسل والجبن"(12). لكن جرأة العقل وتجديده لا يلغيان التقليد الديني والإرث الإيماني: "في النظرة المسيحية، كما ورثت اليهودية وأكملتها...الدين هو استمرار تاريخي عبر الكتاب المقدس، من العهد القديم إلى العهد الجديد"(13). وهكذا يتجسد الإيمان ذاته في الكتاب، وتتوحد فيه الهبة االربانية والمسعى الآدمي: "الكتاب المقدس هو تاريخ الإيمان وكذلك تاريخ البحث عنه وترقبه."
ونجد المكانة التي يحتلها الكتاب المقدس في نظرة تويني إلى الكتاب أكثر ما نجدها في مؤلف أنجزه ناشرا (بالتعاون مع يوسف الخال، كما يشير إلى ذلك في المقدمة): يسوع المسيح بالإنجيل والأيقونة(14). "انجيل موحد" يروي حياة المسيح ب"لغة متكافئة"، متبعا التسلسل التاريخي، متجنبا الروايات المتكررة، مختارا من الأناجيل الأربعة "النص الذي أجمع البحاثة على اعتباره الأفضل"، مكملا النص "بكل ما يمت إلى موضوعه مما أغفله صاحبه"(15)، مزينا بأيقونات "بحد ذاتها، مقدسة" و"تمثل تاريخ الأيقونة ومدارسها": نجد في ذلك محاولة لجمع "المكتبة العلمانية والنشر الفني" والإنجيل، وطلبا لتجلي الكتاب المقدس بأبهى حلله. لكننا نلمس أيضا مشروعا بروميثيا(16) يقدّس الكتاب لذاته، إذ إن الكنيسة نفسها تخلت عن مشروع "الإنجيل الموحد"(ما يسمى باليونانية "الدياطسرون").  ترى الكتاب ثمرة المعرفة التي أخرجت آدم من الجنة؟


                        *   *   *
                


حكايات تويني مع الكتاب تحكي معضلةٌ مثلثة الرؤوس: كلماتٌ (في جلها مقالات، لكنها أيضا خطب برلمانية وتقارير دبلوماسية ورسائل ومحاضرات ومشاريع قوانين...) تتخطى الحدث الذي ولدت فيه، و شاءت سبر غوره والخروج من مآزقه، إلى عالم أكثر حرية وعدالة وتقدما ومساواة، كلمات تجمع إلى قيمتها الموضوعية تعلّقَ كاتبها بها لما أودع فيها من أصالة ذاته؛ كتابٌ يفتن لما فيه من كمال يقارب القداسة، ولجمعه الشمول والتماسك والثبات والجمال؛ ذاتٌ  ترفض زوال ما كتبت ،وعبره زوالها الدنيوي، و تتوق بقوة إلى الكتاب، لكنها تذهب في تأليهه إلى مدى لا تعود  ترى في ذاتها ما يخولها صياغته، فيصبح الكتاب بعيد المنال: "طموحي أن أكتب مسرحية...لا أدري إذا كنت لم أفعل ذلك عن ضيق وقت، أم ضيق صدر، أم...ضيق شجاعة!" (17) تكشف صراحة تويني حدة المعاناة الذاتية وقوتها، وتخالف ما يمكن أن يأتي به رأي أكثر موضوعية وتداولا وأقل تشددا: ليس للكتاب بالضرورة الكمال الذي ينسبه تويني إليه، ولا تعوزه هو شخصيا المواهب لإنجازه، وسجله الصحافي (والسياسي والدبلوماسي...) حافل ويغنيه عن التأليف، وأدب المقالة أدب قد لا يجاريه فيه آخر...
واذا كانت الهوبرسhubris  ، أي ما يمكن ترجمته بالاستكبار، في أصل المأساة اليونانية (18) لما فيها من تحد بشري للآلهة وفردي لشرائع المدينة، ففي اصل مأساة توينى الكتابية (وربما غير الكتابية) "الخفر"(19) الممزوج ب"السخرية من الذات" وهي "في النهاية...حماية"(20). يحمي الخفر أمام تأليف الكتاب  من كبرياء إنجازه، وهذا الخفر خلوق، في خاتمة المطاف، لأنه يقود تويني إلى إنتاج كتب عديدة تجمع الكلمات وتتعداها وتتوق دائما إلى الأشمل والأجمل والأكمل.


ما  أشكال "خفر" تويني أمام الكتاب، أو بالأحرى ما استراتيجياته لتخطي "خفره" هذا ؟
1)   نزع صفة الكتاب عن الكتاب المنشور. وهذا ما تطالعنا به  السطورالأولى من كتابه الأول: "هذا الكتاب ليس كتابا...إنه مجموعة مقالات كتبت على التوالي، تبعا لحدوث الإحداث، وتسجيلا لما كانت تتركه من أثر في نفس مراقب همّه، همّ الصحفي، ان يكتنه الحدث ويستقرىء منه العبرة."(21) والعبارة هذه تعود كلازمة في مطلع معظم المؤلفات.
يجمع تويني مقالات حقبة معينة، ويختار منها ما يتمحور حول موضوع واحد كبير الأهمية له و للقراء، وينتقي منها أهمها، ويعيد تبويبها في أطر أقرب إلى التصنيف المنطقي منها إلى التسلسل الزمني، ويسعى جاهدا في مقدماته إلى إعطاء المبررات السياسية والفكرية لكل مجموعة من مجموعاته، لكنه لا يرى فيها كتابا، ولا يعتبرها تاريخا(22).
وما يقوله تويني عن مقالاته المجموعة ينسحب على ما لا شك في "كتبيته" إذا جاز التعبير، أعني كتاب حرب من أجل الآخرين المنشور بالفرنسية والذي اعتبره عام 1995 كتابه الوحيد(23). فهو يقول في "التنبيه": "ليس هذا الكتاب رسالة في تاريخ لبنان، ولا حتى تحليلا لحوادث الحرب وآثارها...وليس أيضا رسالة سياسية في صراعات الشرق الأدنى ومستقبله... ليس إذاً إلا تحليلا ذاتيا...وشهادة"( 24). ويرى أن فيه من الهنات والسقطات ما قد يحول دون تشكيله كتابا:    "كُِتبَ [ هذا الكتاب ] وأعيدت كتابته مرات طوال سنتين. وهذا ما يفسر عدم التكافؤ في عبارته، وتنوّع أسلوبه، وكثرة النواقص فيه، وقلة اتزانه"(25). وهكذا فإن هذا الكتاب، المصنف بين أهم المدونات والمراجع عن حرب لبنان (26)، يدعو فيه مؤلفه إلى الخفر في تسميته كتابا لأنه ذاتي وليس موضوعيا، ولإن فيه نواقص.
وحدها الحرب، بسبب جديتها ودمويتها وعبثيتها وتمزيقها للوطن، أصلحت الحال بين غسان تويني وبين الكتاب، فأعطى لمجموعة مقالات 1975 و1976 عنوان كتاب الحرب:" كتاب الحرب هو إذاً مقالات الحرب...وهي تستمر، بعد الحرب، تحمل رسالة ذاتها، حرباً وسلماً!"(27) الكلمة أقوى من العنف، واللهجة تجاه الكتاب تغيرت بلا ريب، ومعها الثقة بالمقالة، والثقة بالموقف. كانت المقالات "نذيراً" للحرب، واتهمها البعض "بأنها كانت هي التحريض...كأنما المقالات هي التي تصنع الحروب، وليس العكس هو الصحيح!"(27) رأى الصحافي الحرب تأتي، ونبّه إلى قدومها، ودعا إلى معالجة أسبابها قبل وقوع الكارثة، فكان ما كان واندلع العنف، لذا استحال تبسيط علاقة الكاتب بالحرب. تشكل المقالات مجموعةً "سجل العذاب اليومي، عذاب العقل قبل الجسد، فضلا عن الآمال والمطامح التي لم يتمكن الرصاص من اغتيالها، ولا خطفها أحد..." (28) أما وحدتها الحقيقية وتماسكها في كتاب، فيوضحه تويني قائلا: "قيمتها...كوحدة متسلسلة(ولو أننا تجاوزنا التسلسل الزمني أحيانا)، فتجدها إذ ذاك تعطيك صورة متكاملة، فيها وحدة الموقف، منطلقات ونظرة واستنتاجاً."(28) 
ويؤدي صلح المقالة والكتاب إلى تماهي الكتاب بموضوعه: "أما الآن، فماذا بعد الكتاب؟ أي: ماذا بعد الحرب؟" (29) لا بل، أبعد من ذلك، يتناثر الموضوع بينما يبقى الكتاب محافظاً على وحدته: " كتاب الحرب...يبيّن – في المقالة بعد المقالة- كم أن هذه الحرب كانت في الحقيقة مجموعة حروب، بل وثورات كذلك". (29) يبقى أن المواجهة بين "الموقف"، وعبره بين "العقل"، و "الواقع" بما هو "حرب"، أمرغير متكافىء ولا مضمون النتائج: " ومع ذلك، لن نحاول هنا تفسير ما حدث ولا التكهن بما سيحدث...ولئن يكن زمن التأريخ لم يحن بعد، فكذلك لم يحن بعد زمن استخلاص صورة المستقبل الذي ظنناه مرات ومرات في متناولنا، ثم نراه يهرب كلما أطل." (30) وهكذا لا يتوحد الكتاب والمقالة إلا في التواضع والخفر، رغم التشبث بالموقف والثقة بالرسالة.
2)   الاعتماد على مقدمات ومقدمين للكتب يساهمون في إضفاء صفة شرعية  عليها. قدم شارل حلو للطبعة الفرنسية من اتركوا شعبي يعيش (31)، وقدم دومينيك شوفالييه مؤرخ لبنان في القرن التاسع عشر لحرب من اجل الآخرين(32)، وقدم أنسي الحاج لسر المهنة... وأسرار أخرى متحدثا عن "النفس العميقة المخبوءة تحت جبال الحياء والكبرياء"(33)، وقدم نواف سلام لمحاضرات في السياسة والمعرفة (34).  وبينما يتمنى العديد من المؤلفين أن يقدم غسان تويني لمؤلفاتهم،  وقد فعل عشرات المرات، وتهرّب من ذلك مئات المرات، نراه يستحسن كتابة مقدمات لمؤلفاته.      وتتجلى في هذه المقدمات، على ما نراه، إرادته في تجاوز الخفر من عدم الإقدام على التأليف، ورغبته في التأكد من صحة الخيارات في الشكل والمضمون، ونزعته الدفينة إلى إدراك الذات في مرآة الآخرين، وقد يكونون الأقربين، وامتحانه كتّاب النصوص عبر دعوتهم إلى التعبير الواضح عن رأيهم.
أعطى شارل حلو، رئيس الجمهورية السابق والصحافي والكاتب الفرنكفوني القدير، غسان تويني الشهادة التي أرادها هذا الأخير لنفسه كاتبا ومؤلفاً، نوردها هنا للتأكيد على كل ما قلناه سابقا: "أسلوب غسان تويني...هو التناوب بين الواقع والصورة أو الحلم، الجمع المتناسق بين المنطق والشعور، بين الاستدلال المقنع والاندفاع الذي لا يقاوم. لذا يبدو عمله عقائديا وشاعرياَ في آن، بل كأنه نشيد أحيانا. أمامنا صورة رجل يستنفد ذاته يوما بعد يوم بهدف الإقناع والإثارة، ويجند كل طاقات قلبه وعقله لخدمة قضية هي الأكثر عدلا وجمالا، وبالتالي الأشد تعذيبا، وفي خاتمة المطاف، الأكثر قدسية"(35). رأى شوفالييه فيه وريث الامبراطوريات الثلاث البيزنطية والأموية والعثمانية، وفي كتابه حرب من اجل الآخرين "رسالة العقل والتوازن"(36). وصفه أنسي الحاج (37) وصفاً لا تقل روعته عن صدقه وأمانته.كذلك رصد نواف سلام محاور فكره رصداً دقيقاً.

 3) اللجوء إلى أسلوب الأحاديث الشفهية كما في سر المهنة...وأسرار أخرى وفيه يردّ المؤلف على أسئلة ساهم في وضعها وطرحها أصدقاؤه ومعاونوه. يخفف الطابع الشفهي من وطأة الكتاب وصرامته، ويتيح للحرية إمكانية الانتقال من مسألة إلى أخرى من دون التركيز على الأسلوب والقواعد المتشددة. من هنا كلام تويني على "الخفة" في الأسلوب التي "لا يخافها...كما لا يتصنعها." (38)

4) اختيار الصحافة موضوعاً وتناولها في الكتاب. وفي ذلك ما يذكر ب"العود الأبدي" عند نيتشه، و بتأويله عند هايدغر: لما كانت الإرادة تريد ذاتها، فهي عود ابدي. وتويني الآتي من الصحافة إلى الكتاب يحيل الكتاب إلى الصحافة. والشاهد على ذلك كتابان على الأقل: سر المهنة...وأصولها، وسر المهنة...وأسرار أخرى. الكتاب الأول هو "الإطار النظري للمهنة" مرفقاً بمجموعة مقالات عن كبار الصحافة في  لبنان. ولم يكن ردم الهوة بين الصحيفة والكتاب، في هذين المصنفين، مقتصراً  على الموضوع فحسب، بل تعداه إلى طريقة الإخراج أيضاً.

5)التعاون مع كتّاب آخرين في إطار مؤلف جماعي. فكتاب الاستقلال جاء، في صياغة موحدة، بالتعاون مع فارس ساسين ونواف سلام. وكتاب البرج ساحة الحرية وبوابة المشرق جمع مساهمات عدة مذيلة بتواقيع أصحابها بإشرافه وتنسيقه مع فارس ساسين. وكتاب un siècle pour rien ( قرن بلا جدوى) حوار طويل بينه وبين الصحافي والكاتب الفرنسي جان لاكوتور والمؤرخ اللبناني الفرنسي جيرارخوري حول عصر النهضة العربية وما آل إليه.
        يرفض تويني استباحة عمل الآخرين، ويصر على إعطاء كل ذي حق حقه في التأليف، محملاً مسؤوليات خاصة للمساهمين في العمل الجماعي. لكن سحر بصماته، دون الخروج على أناقة تعامله ولياقته، يطغى على المساهمات.
  
6) التأليف بالأجنبية. لماذا كتب تويني كتابه الأول بالفرنسية؟ هل يكفي إتقانه لغة بودلير ونجوميته الباريسية لتفسير الأمر؟ لماذا امتنع عن نشر حرب من اجل الآخرين بالعربية رغم تأكيده جهوز الترجمة؟ لماذا لم يسعَ إلى نقل قرن بلا جدوى إلى العربية ولم ينشره فيها؟ هل الكتاب الفرنسي أسهل إنجازا ؟ هل يخفي  تويني المعروف بصراحته اللامتناهية شيئا من التقية؟ أم أن الازدواجية اللغوية والثقافية في لبنان  تفسر بكل بساطة ما يبدو للوهلة الأولى غريباً؟ تبقى هذه الأسئلة بلا جواب آحادي وحاسم.


                              *   *   *







        مأساة تويني بالكتاب، وخفره أمامه حافزان للإنتاج لا للشلل والانكفاء. هذا هو معنى البراغماتية عنده، وهي في هذا الميدان تعطي دليلا ساطعا على فعله الخلاق. يقول في تعريف البراغماتية: " البراغماتية الحقة هي فعل عقل صافٍ، ولا طلاق يجوز بين العقل والأخلاقية...هي براعة الوسيلة الواقعية في سبيل إنجاح المثل."(39) وإنجاز الكتب هو هذه البراعة بالذات في سبيل إنجاح مثال الكتاب، الكتاب كما يفهمه هو:" هو محراب يطرح فيه المؤلف عصارة عقله وكل ذاته، بكل حرية."(40)
        ولج غسان تويني باب الكتاب ناشراً وجامعاً لمقالاته (ونصوصه الأخرى) ومؤلفا...وترك في كل ميدان من هذه الميادين  تراثا غنياً يصلح مرجعا للأجيال المقبلة. و عرف كيف يسبغ على التأليف والنشر "النسق" أو "الجمالية" أو "الستيل" الذي تغنى به في الصحافة والعمل السياسي(41).
        شكل تأسيس دار النهار للنشر، عام الهزيمة العربية 1967، محطة في تاريخ النشر في لبنان والمجال العربي، لجهة نوع المؤلفات أولا( نذكر منها، على سبيل المثال لا الحصر، كتابات البرت حوراني وكمال الصليبي وزين نورالدين زين التاريخية...)، ولجهة الإخراج  ثانياً. ثم كانت سلسلة النفائس(42) التي أصدرت  أجمل كتب عربية، منذ عهد مصر الملكية، مزينة بريشة بول غيراغوسيان وإيلي كنعان وشفيق عبود...مخطوطة بخط مختار البابا...مخرجة على يد عجاج العراوي. وأستعاد غسان تويني في أواسط الثمانينات  مبادراته في ميدان النشر فأطلق بالفرنسية سلسلة تراث patrimoine التي كانت باكورتها المؤلفات الكاملة لناديا تويني، والتي دأبت منذ ذلك الحين على نشر المؤلفات الكاملة المدعومة بالصور والوثائق  للأدباء اللبنانيين باللغة الفرنسية في إخراج جميل وأنيق. وكانت هذه السلسلة بين أولى خطوات التعاون بينه وبين سعد كيوان وقد قال عنه تويني: "صرت لا اطمئن إلى إخراج كتاب ولا إلى صناعة كتاب ولا إلى اختراع كتاب بدون من هو في نظري سيّد الفن، ولو قيل "يتفنن" ويسرف."(43) ونجمت عن هذا التعاون كتبٌ عدة توّجت المرحلة الثانية الذهبية لدار النهار مثل بعلبك أيام المهرجان والبرج ساحة الحرية وبوابة المشرق وعهد الندوة اللبنانية...وإذا كان إحياء التراث في قلب معظم هذه المؤلفات، فلا بد من ذكر مجموعات الدوريات التي أشرف تويني على إعادة طباعتها طبق الأصل fac-similé   مثل الأحرار المصورة والمعرض وPHENICIA  وLa revue phénicienne...والتي فاقت الأصل طباعيا لجهة اناقة التجميع وإتقان التجليد وفخامة الورق.
        دأب غسان تويني على جمع مقالاته منذ مطلع الخمسينات، واستمر يجمعها حتى مطلع الألفية الثالثة، أي ما بعد الغزو الأميركي للعراق(2003). وليس في المجموعة سوى ثغرة واحدة  هي مطلع الستينات(1959-1967). وتظهر هذه الثغرة أهمية ما نمتلكه عبر الحاجة إلى ما نفتقده: ماذا قال غسان تويني يا ترى إبان عهد فواد شهاب؟(44) وفي المجموعة ما يتخطى دائما المقالات، إذ إن الكل ينير العناصر ويسمح برفع اللّبس وإيلأ الوقت حقه. ويعطي جمعُ المقالات  الصحافي شفافية لا تضاهيها شفافية، ويظهر تاريخه بالكامل ويسمح للمنتقدين أو المؤرخين ان يبرزوا هذا الوجه أو ذاك  من مواقفه. فكتاب منطق القوة اتاح القول: "نظلم الحقيقة إذا لم نقل ان غسان عمل في بعض مراحل حياته للانقلاب العسكري تحت نظرية ضرورة القوة في الدولة."(45) والشفافية تتيح المصارحة، وهي ما يسميها إمانويل كنط "العلنية" ويجعل منها الشرط الضروري لممارسة العقل نشاطه: "الطريق الوحيد للتفاهم...هو المصارحة وتحمّل النقد البنّاء وقول الحقائق باحترام."(46) وفي جمع المقالات داخل مصنفات أوسع، مسعى أول لتمييز المراحل التاريخية، كما أن في تبويب الكتاب الداخلي محاولة لفصل المشكلات بعضها عن بعض في إطار وحدة الرؤية ووحدة الموقف.(47)

        قبل أن أشير بإيجاز إلى الكتب التي ألّفها غسان تويني وتبقى مراجع لنشء لبنان والعرب، لا بد لي من تقديم شهادة عن أسلوبه في كتابين عملت معه على إخراجهما إلى النور. في حقبة بدا فيها استقلال لبنان من الماضي، أراد تويني أن يعيد ب"الوثائق والصور" انتفاضة تشرين الثاني 1943 إلى الذاكرة الشعبية وأن يحيي التراث التاريخي والاستقلالي. فتناولها بأسلوب طلي وكأنها موضوع تحقيق صحافي عن حوادث تحصل اليوم. إلا أن  المؤرخ فيه كان يعود دائما إلى المراحل التاريخية السابقة ليدرك أصول ما يجري. اما الكاتب فكان يهوي تكسير الزمان (ثورة الغضب، فالأحداث التي سبقتها، فالمقدمات والجذور، فمعركة الجلاء) وإدخال الحركة "الباروكية" في قلب التسلسل المنطقي. هذا في ما يخص كتاب الاستقلال. فالاستقلال ليس ناجزا قبل أن يسكن كتابا، والكتاب بلا روح  ما لم يكن الاستقلال حجر زاويته.
 أما في ما يعني كتاب البرج ساحة الحرية وبوابة المشرق فما أن أولاه تويني عنايته حتى حوّله من كتاب تراثي إلى كتاب مستقبلي، أو بالاحرى إلى كتاب يجمع أبعاد الزمان كلها ويتوحد فيه القبل والبعد. وكم كانت نظرته صائبة واستشرافية إذ ما لبث أن عاد البرج إلى قلب لبنان ولو مضرجاً بدم الشهداء. كذلك رصدتُ عنده القدرة الهائلة على إعادة كتابة النصوص البدائية والفقيرة التقميش وتحويلها إلى مقالات مشوّقة وحافلة بالتفاصيل المستعادة من الذاكرة و... المبتكرة.
        وفي الختام، لا يسعني إلا أن أنوّه بثلاثة كتب رئيسية ألفها غسان تويني ولها صفات الكتاب كما رآها هو وكما ذكرناها في مطلع المقال: حرب من اجل الآخرين(بالفرنسية1985)، محاضرات في السياسة والمعرفة(1997)، سر المهنة...وأسرار أخرى(1995).
        الكتاب الأول شديد الارتباط بالظروف التاريخية التي ولد فيها( سقوط اتفاقية 17 أيار وانتفاضة 6 شباط وحرب الجبل...)، لكن أهميته تأتي من الحلقات الوسيطة التي يقيمها بين العناصر الداخلية(الطوائف) والصراعات الإقليمية والدولية:"ليست الحربُ أهليةَ ولا يمكن ان تكون كذلك، بل ثمة انعكاس صراعات خارجيةعلى بنى داخلية تتنازع طبيعيا وهي على أتمّ الاستعداد لا لتقبل هذه الصراعات فحسب، بل أيضا لإنتاجها وشحذها آملة أن تجد فيها التعبير الأكمل عن ذاتها!"(48)
        يقول غسان تويني: "ناهيك بطموحي الدائم الذي فات زمانه إلى كتاب يجمع عصارة تأملات فكرية لا علاقة لها بالسياسة ولا بالوطن ولا بالصحافة، فقط بالإنسان في الإنسان."(49) هذا الكتاب حققه تويني جزئيا في الباب الثالث والأخير من محاضرات في السياسة والمعرفة، المجموعة التي تضم إلى أكاديميات رئيس جامعة البلمند، محاضراته في النظام اللبناني وإصلاحه(الباب الأول)، وفي العروبة والعالم(الباب الثاني). تبدو وحدة الكتاب للوهلة الاولى شكلية، اذ انه يجمع محاضرات تويني. وتظهر الازدواجية في العنوان: تتناول المحاضرات السياسة والمعرفة. ثم تنقسم السياسة بدورها الى سياسة لبنانية وسياسة عربية. لكن التعددية المكشوفة تكشف بدورها وحدة المسائل المتباينة ظاهرا والمترابطة في بنيتها العميقة والتي هي بحاجة لجهد القارىء الخاص لاستكمال توحيد صياغتهاوصولا إلى الخروج من مآزقها.  المحاضرة تتخطى المقالة لجهة سعة افقها وكم العناصرالتي تؤالف بينها. وهي شكلت على مر العقود الإطار الأهم لتشخيص النظام في لبنان ومحاولة رصد آفاقه(50). و تشكل محاضرات تويني، في مجموعها ومفاهيمها وبُعد رؤيتها وجذرية طموحاتها وسعيها الدؤوب إلى الحرية والديمقراطية، كلاً متماسكا ما زال صالحا لرسم مكامن شلل النظام اللبناني وسائر الأنظمة العربية وعجزها عن الاضطلاع بمهام الحداثة وتأمين قواعد الحريّة والعدالة الاجتماعية، ناهيك بمهمة إنسانية الانسان.
        يتخطى سر المهنة...وأسرار أخرى كل الحدود ويخرج على كل تصنيف لجمعه بين دفتيه الفردي والجماعي، الصحافة والسياسة، التاريخ والعقائد، الشفهي والكتابي، الشعر والفلسفة، التفاصيل المادية والشطحات الروحية، الصورة والنص، المقالة والإطار، المنطق وما دونه وما يتخطاه، القانون وما يخرج عليه ومن يدافع عنه(51) ... ليس الكتاب  "موسوعيا"(52)،  بقدر ما هو ملحمي إذ فيه السيرة الذاتية الملامسة للمسائل الحميمة، وألبوم الصور العائلي، ودليل مهنة الصحافة بأبعادها كافة( المالية والطباعية والتحريرية...)، وتاريخ صحيفة النهار، وتاريخ الصحافة اللبنانية في أوجها يوم كانت "السلطة الاولى والاخيرة"(53)، وتاريخ لبنان الإستقلال بألق عهوده ومآسيها وبعلاقاته الفلسطينية والسورية والعربية، ومختارات من المقالات التاريخية، ومجموعة ملفات.
سر المهنة...وأسرار أخرى ملحمةٌ عن العصر الذهبي اللبناني وعن عصر النهار،  مقرونة برواية تنشئة Bildungsroman  ، متوازنة وحديثة بفضل الصراحة و"الخفة" و"السخرية" والنوادر الطريفة، مروية بأسلوب يتآلف فيه الشفهي والمكتوب، فيأتي عفويا وأنيقا. ولئن كانت العبارة الاولى في التوطئة:"هذا الكتاب ليس كتاباً"(54)، فالإشارة ربما هي هذه المرة إلى ما يتعدّى الكتاب، لا إلى ما يبقى دونه.
        ...ولنُعذَر إذا أهملنا، في مقالتنا، المضمون وأولينا العناية للشكل!




الهوامش

(1)            سر المهنة...وأسرار أخرى، 1995، ص560. هذا وسنورده في الهوامش تحت عنوان سر المهنة...
(2)            Une vieille poésie d’enfance, 1990, p.9.
(3)            Ibidem, p.10.
(4)            حديث خاص مع غسان تويني، أيلول 2005.
(5)            سر المهنة...ص553.
(6)            المرجع المذكور، ص212. وفي رواية أخرى شفوية تكمل السابقة ولا تناقضها، يروي تويني ان الكتاب والديوان صيغا معاً وكان كل منهما ترجمة للآخر. وفي مقدمته ل اتركوا شعبي يعيش، أقام شارل حلو توازياً بين خطب غسان في الأمم المتحدة وديوان ناديا عشرون قصيدة من اجل حب.
(7)            المرجع المذكور، ص49.
(8)            المرجع المذكور، ص82.
(9)            المرجع المذكور، ص83.
(10)      شارل مالك، المقدمة، سيرة ذاتية فلسفية، دار النهار، الطبعة الأولى 1977، الطبعة الثانية 2001. هذا وفيما عدا هذا الكتاب الذي يشكل "الجزء الأول" من المقدمة للأعمال الفلسفية الكاملة، لم ينشر شارل مالك سوى تقارير ومقالات ومحاضرات وخطب...جبران تويني الوالد لم يؤلف أي كتاب لكنه جمع مختارات من مقالاته تحت عنوان في وضح النهار. ونشر له غسان، في ذكرى وفاته العاشرة، مجموعة ثانية تحت العنوان ذاته، وقدم لها، وخصص له كتابا رائعا في إخراجه: جبران تويني بعد 25 سنة، بيروت 1973. ونشرت دار النهار طبق الأصل المجموعة الكاملة لدورية الأحرار المصورة التي أصدرها جبران عام ولادة غسان، أي في العام 1926. "الوالد الثالث" انطون سعادة وحده من بين "الأباء الثلاثة" صاحب كتاب، نشوء الأمم، لكن لم يصدر منه غير الجزء الأول.
(11)      على سبيل المثال:محاضرات في السياسة والمعرفة، 1997، ص233-238، و سر المهنة...ص579-580.
(12)      E. Kant: Was ist Aufklarung?, 1784. راجع الترجمة العربية في الفكر العربي، تشرين الأول 1987،كنط: جواب عن السؤال: ما هي الأنوار؟، ترجمة حسين حرب.
(13)      سر المهنة...ص557.
(14)      صدرت الطبعة الأولى عن المطبعة الكاثوليكية ودار النهار عام1968، وصدرت الطبعة الثانية عن دار النهار عام 2000. صمم الطبعة الأولى عجاج عراوي والطبعة الثانية سعد كيوان.
(15)      يسوع المسيح بالإنجيل والأيقونة، 1968، مقدمة غسان تويني.
(16)      نسبة إلى بروميثيوس الجبار الذي سرق النار من الآلهة واعطاها للبشر.
(17)      سر المهنة...ص579.
(18)      انظرJ.P. Vernant, P. Vidal-Naquet: Mythe et tragédie en Grèce ancienne, Paris, 1972. هذا ويرى المستشرق برنارد لويس ان عبارة "طاغوت" الواردة في القرآن هي اقرب العبارات العربية إلى الhubris اليونانية.
(19)      سر المهنة...ص554.
(20)      سر المهنة...ص562-563.
(21)      منطق القوة، ص5.
(22)      المصدر السابق، ص5-6.
(23)      سر المهنة,,,، ص581: " أصلا، إذا استثنينا بعض الدراسات "الأكاديمية"، لم اكتب سوى كتاب واحد بالفرنسية، هو حروب من اجل الآخرين..."
(24)      Une guerre pour les autres,p.23.
(25)      المصدر السابق، ص24.
(26)      نفدت الطبعتان الفرنسية واللبنانية من هذا الكتاب، وهو قيد إعادة الطبع نظراً للإقبال الدائم عليه.
(27)      كتاب الحرب، ص7.
(28)      المصدر السابق، ص8.
(29)      المصدر السابق، ص381.
(30)      المصدر السابق، ص382.
(31)      قدّم الرئيس شارل حلو الطبعة "الأصلية" الفرنسية للكتاب وترجمت مقدمته في الطبعة العربية تحت عنوان: "رجل الرؤية المستقبلية". بدوره كتب تويني مقدمة لمذكرات شارل حلو حياة في ذكريات، دار النهار، الطبعة الثانية، 1995، تحت عنوان:"كاهن في غير هيكله".
(32)      المقدمة تحت عنوان "امبراطوريات غسان تويني"، ص11-21.
(33)      المقدمة في الصفحات 13-16.
(34)      المقدمة في الصفحات 9-12. هذا وقمت شخصيا بكتابة ثلاث مقدمات لرسائل وتقارير مرحلة نيويورك(1977-1982)، وهي وإن تعدت أحيانا اطارالتحقيق الضيق للكتاب المنشور، تحاول أن تلتزم به التزاما وثيقا. نكتفي هنا بإيراد الفقرة الآتية: "استحالة السكون، وانتفاء الزمن القادر على تكريس الأوضاع على ما آلت إليه: هذا ما يأتي به تويني..." 1982 عام الاجتياح...الصفحة ن.
(35)      اتركوا شعبي يعيش، ص10.
(36)      Une guerre pour les autres, p.11 et p.21.
(37)      يقول تويني عن إنسي الحاج في سر المهنة... (ص113): "ولكن يجمعنا شغفي الجمالي به، شخصاً وأسلوبا، وكأنه الشغف بالشعر يتمرد على المنطق."
(38)      سر المهنة...ص12.
(39)      سر المهنة...ص563.
(40)      المصدر السابق، ص554.
(41)      " هناك جمالية في العمل السياسي تبدأ بوجود النسق، أو النهج الجميل. "ستيل". أي حتى الأشياء الغلط تعملها في شكل براق، وجميل، بل وساحر أحيانا...وتخسر!"، المصدر السابق، ص569.
(42)      سر المهنة...ص212.
(43)      المصدر السابق، ص8.
(44)      الغريب في الأمر اننا لا نجد من مقالات تلك الحقبة في سر المهنة... سوى مقالين لميشال ابوجودة، ص431.
(45)      منح الصلح، طاولة مستديرة عن سر المهنة...وأسرار أخرى، النهار 12-1-1996. غسان تويني تحدث بإسهاب عن تلك الحقبة في سر المهنة...ص 52-55.
(46)      محاضرات في السياسة والمعرفة، ص75.
(47)      عن النصوص المجموعة من غير المقالات نورد ما ذكرناه في مقدمة 1982 عام الاجتياح (ص ل-م): "هو [الكتاب] وثيقة مهمة من وثائق الحروب العربية الاسرائيليةوالحرب اللبنانية تصلح للاستخدام، مع وثائق أخرى، لتصوير أحداث الحقبة المتناولة وتوضيح ما غاب عن الصورة. وهو صفحة من صفحات دبلوماسية بلاد الأرز...مليئة بالعبر، وتصلح كتاب تربية لكل دبلوماسي ناشىء. وهو دليل إناسيethnographique  يسجل بأمانة "شعائر" المجتمع الدولي المتعايش في القصر الزجاجي على ضفاف الهدسون...وهو مجموعة من الروايات تُقرأ بشغف أكيد عن الحرب في نيويورك وعن الحرب منها."
(48)      Une guerre…, p.56.
(49)      سر المهنة...ص553.
(50)      راجع مراجعتنا للكتاب يوم صدوره وفيها نقول أن المحاضرة كشكل أدبي (تجلّى بنوع خاص عند ميشال شيحا وجورج نقاش وكمال جنبلاط وتقي الدين الصلح وغسان تويني) هي أهم ما تناول بالبحث السياسة اللبنانية في الفترة الممتدة بين الاستقلال والحرب:Farès Sassine: Les combats inachevés,    L’Orient-express,mai 1997.
(51)      نجد في الكتاب دفاعات محامين ومرافعات عن النهار ومسؤوليها،   ص ص 336-339 و346-360.
(52)      نقرأ على الغلاف الرابع للكتاب:"50 سنة من الصحافة والسياسة في اول "موسوعة" لبنانية وعربية من نوعها."
(53)      روى منح الصلح، في مداخلته المذكورة سابقا، نقلا عن السفير المصري عبد الحميد غالب إبان تقاعده قوله عن الصحافة في لبنان:    " قالوا سلطة رابعة اي سلطة رابعة يا شيخ؟ هي السلطة الاولى والاخيرة. ما فيش سلطة غيرها." وأضاف الاستاذ منح: "قيل في مبالغة أن الحزبين المتواجهين هما نهار غسان تويني وجيش فؤاد شهاب."
(54)      ص11.



 مؤلفات غسان تويني
أ-المقالات المجموعة
1-منطق القوة أو فلسفة الانقلابات في الشرق العربي، دار بيروت, 1954.
2- الأيام العصيبة، أيار-آب 1958، ب ن.
3- الخطر الأحمر...والعالم الحر؟ 1948-1959، ب ن.
4- رئاسيات 1970، ملف النهار.
5- ثورة الطلاب، (مقالات، ملف67-1968 وكلمات 1968-1970)،ملف النهار لبنان 1971.
6-فلسطينيات،(1967-1971)، ملف النهار1971.
7- خواطر انتخابية،  آذار-نيسان 1972.
8-الثورة الفلسطينية والحقائق اللبنانية، 1971-1974.
9-كتاب الحرب،1975-1976، دار النهار.
10-نزهة العقل 1983-1984، مجموعة مقالات، دار النهار.
11- الجمهورية في إجازة، لبنان 1988-1990، دار النهار.
12-قبل أن يدهمنا اليأس، مقالات الانتخابات 1992، دار النهار.
    (جمعت لاحقا الكتب الثلاثة السابقة في كتاب واحد)
13-مسارات السلام ودبلوماسية ال425، أبحاث افتتاحية(1998-1999)، سجالات دارالنهار، 1999.
14-الإرهاب والعراق قبل الحرب وبعدها، دار النهار، 2003.
15-حوار مع الاستبداد، دار النهار، 2003.


ب) المحاضرات
-محاضرات في السياسة والمعرفة، دار النهار، 1997. (يجمع الكتاب محاضرات وكلمات ألقيت بين 1950 و1996 نشر بعضها سابقا على شكل كراريس). قدم لها نواف سلام.
--القرار 425 مأزق أم حل؟ محاضرة في مركز صيدا الثقافي- الهلالية 19 آذار 1998.
-لبنان والأمم المتحدة وقضية السلام، محاضرة في بيت الأمم المتحدة بدعوة من الاسكوا في 29 أيلول 1998.
-دور الثقافة في المستقبل العربي، محاضرة في الرابطة الثقافية-طرابلس، 1999.
- سعاده: القضية والتغيير والأبعاد، 2004، مؤسسة سعاده للثقافة. 

ج) الأحاديث والذكريات
-غسان تويني يتذكر، أحاديث نشرتها "الحياة" مع عبد الوهاب بدرخان 1990.
-سر المهنة ... وأسرار أخرى، قدم له انسي الحاج، 1995.

د) الوثائق والمراسلات والخطب
- من أجل مجلس حر. رصيد سنة في مجلس النواب، 2حزيران1951-31 أيار 1952.
- 100 يوم في الحكم، ملف النهار، لبنان 1971.
-آراء في السياسة والحكم، آذار-نيسان 1972.
-(مع جوزف نصر وآخرين...) ملف الجنوب، 1973.
-اتركوا شعبي يعيش، لبنان في الأمم المتحدة، مقدمة شارل حلو، دار النهار، 1984.
-رسائل إلى الرئيس الياس سركيس 1978-1982، حققها وقدّم لها فارس ساسين 1995.
-القرار 425، المقدمات، الخلفيات، الوقائع، الأبعاد، حققه وقدم له فارس ساسين، المراسلات الدبلوماسية 1977-1978، 1996.
-1982 عام الاجتياح، لبنان والقدس والجولان في مجلس الأمن، القرار 508 والقرار 520، حققه وقدم له فارس ساسين، 1998.

ه) في الصحافة والتاريخ وبيروت
-سر المهنة...وأصولها، النهار كتاب التسعينات، محاضرات في الصحافة ومقالات عن كبارها، 1990.
-(مع فارس ساسين ونواف سلام) كتاب الاستقلال بالوثائق والصور، دار النهار، 1998.
-(مع فارس ساسين وآخرين) البرج ساحة الحرية وبوابة المشرق، دار النهار،2000.
( كتاب بالعربية والفرنسية)


 المؤلفات الفرنسية والإنكليزية:

-Une vieille poésie d’enfance, 1940-1943, Dar An-Nahar, 1990.
-Laissez vivre mon peuple, Le Liban a l’ONU, préface de Charles Helou, Jean Maisonneuve, Paris, 1984)
-Une guerre pour les autres, préface de Dominique Chevallier, JC Lattès, 1985. (nouvelle édition et postface de l’auteur 2004, Dar An-Nahar)
-1981-1991 Conférences, Dar An-Nahar, 1992.
-(en collaboration avec Farès Sassine et Nawaf Salam), Le livre de l’indépendance, Dar An-Nahar, 2002.
-(avec Gérard Khoury et Jean Lacouture) un siècle pour rien, Albin Michel, 2002.
- Le  point de vue du politique in la responsabilité en droit public,     
pp 279-334, Bruylant, Bruxelles, 2005.
- (et Samir Khalil Samir), Rôle et Avenir des Chrétiens d’Orient Aujourd’hui, Cahiers de l’Orient Chrétien, CEDRAC, Beyrouth, 2005.

-Peace-Keeping Lebanon The Facts, the Documents…, William Belder Group, New York,. 1979.

بعض الكتب التي ساهم غسان تويني في اخراجها الى النور:
-نشيد الاناشيد،توزيع وتقديم أنسي الحاج، زينه بالرسوم بول غيراغوسيان، سلسلة النفائس، دار النهار، 1967.
-أجمل الموشحات، اختارها وقدم لها ميشال عاصي، زينها إيلي كنعان، سلسلة النفائس، دار النهار، 1968.
-يسوع المسيح بالإنجيل والأيقونة، 1968، مقدمة غسان تويني.(الطبعة الثانية،2000).
-النبي لجبران خليل جبران، وضعه في العربية يوسف الخال، دار النهار 1968.
-مقامات الحريري، إختارها ووضع رسومها شفيق عبود، دار النهار 1970.
 جبران تويني بعد 25 سنة، بيروت 1973.
-بعلبك أيام المهرجان، دار النهار، 1994.
-عهد الندوة اللبنانية، خمسون سنة من المعاصرة، ، دار النهار، 1997.

-collection Patrimoine (Dar AnNahar):
auteurs parus 1986-2002 :Fouad Abi Zeyd (1996), Eveline Bustros (1988), Chékri Ganem (2 volumes, 1994), Fouad G. Naffah (1987), Georges Schehadé (3 volumes, 1998), Laurice Schehadé (2 volumes, 1999), Nadia Tuéni ( 2 volumes,1986 ; coffret, 2001).
-Makram Tuéni: Un matin d’innocence, 1988. (livre édité pour le bon plaisir de Makram et de ses amis)
- Nadia Tuéni :Liban :vingt tableaux et vingt poèmes pour un amour,1997, Dar AnNahar.
-Georges Schehadé :Poésies vii, 1998, Dar AnNahar.
-Georges Schehadé : Chagrin d’amour,1999, Dar AnNahar .
-Emile Aboukheir : Poésie,2002, Dar AnNahar.

صدرت هذه الدراسة في كتاب سعاد الصبّاح (إ): غسان تويني، 2007.

                                                                                         7\3\2007